شتات أين أمضي.. زورقي في الفراتِ البعيدِ الرياحُ التي كَنَسَتْ عمرَنا ورقاً يابساً نسيتنا، نلوبُ بمدخنةِ النصِّ.. أين الرصافة؟ من جسرِ مالمو الذي أوصلَ النخلَ والأهلَ حتى رفيفِ القصيدةْ.. أمشي ولا أصلُ ما الذي أفعلُ لروحي العنيدةْ ......... ... لكأنَّ البلادَ - التي أيتمتكَ صبيّاً بدشداشةٍ وكتابٍ وكيسِ طحينٍ على ظهرِكَ الغضِّ، تحملهُ لبيوتِ المقاولِ - تعبركَ الآنَ: دبابةً، تحملُ العمرَ للحربِ.. أو قدحاً، سيقاسمُكَ الذكرياتِ بحاناتِ بيروتَ، لندنَ، مالمو.. ........ .... بلادٌ ستمحو بلاداً وعيناكَ في آخر النجمِ ترتقبان.. ... لمْ يبقَ لي غير نافذةٍ من بلادٍ ستنأى بعيداً بنا سأفتحها في المساءِ على نجمةٍ بعضِ أغنيةٍ أو رصيفْ.. وأمضي.. إلى أيما جهةٍ أو خريفْ ........ المدى ضيّقٌ، وزماني انتهى في الكؤوسِ إلى شجنٍ كلما صاحَ بي نادلُ البارِ أين الحسابُ؟ تحسّستُ ما ظلَّ في الجيبِ من وطنٍ وبكيتُ ........... أكلُّ اتساعِ السهوبِ، ولا حجرٌ أشتهيه كأرضي أكلُّ عثوقِ النخيلِ ولا تمرةٌ في صحونِ الجياع؟ ............
كالصناديق تحملُنا سفنٌ وتُصدّرُنا مدنٌ ها أنا صافنٌ - منذُ عشرين فصلاً ونصلاً - بابِ البريدِ أحدّقُ - عبر السطورِ - إلى وطني ما الذي ستعوّضُني الكلماتُ؟ وحزني - كما تعلمين - يتيمٌ وروحي وحيدةْ قلتُ ألصقُ قلبي على أيّما طابعٍ ثمَّ أرسلهُ لبلادي البعيدةْ سيدقّقُ فيه المحقّقُ، ثم يمرّرُ ظَرْفَ الحنينِ إلى مخبرٍ، ثم آخرَ كيف أوصلُ شوقي، إذاً؛ بين أسلاكهم.. ... والعيونِ المديدةْ ...... ليتَ تلكَ البلادَ التي حشرتني بماسورةِ البندقيةِ، عقدين، تفتحُ لي نصفَ نافذةٍ لأرى وجهَ أمي الذي عفّرته الحروبُ - الحصاراتُ والدمعةُ المثقلةْ ملقىً هنا في القصيدةِ متّسعٌ للمهاراتِ والأسئلةْ ............ أيهذا الشتاتُ الذي صارَ لي وطناً سأُؤَثِّثُ منفاي: مكتبتي كبرتْ وحنيني استطال وعرّش حزني على الطاولةْ والبلاد الحلمتُ تناهبها البدو والغزو، ثانيةً وما عاد فيها - ولا العمرُ - من فسحةٍ للأغاني المؤجّلة ....................... .... إنها المهزلةْ إنْ أرى ما أرى: بلاداً تُجرُّ إلى المقصلةْ وعرشاً تسلّقهُ السفلةْ وليلاً يطولُ وما أطولَهْ وشعباً يئنُّ ولا ربَّ لهْ ...... ............................ 12/6/2003 الكناري - إسبانيا
|