|
|
|
رضيع الشعر وناطقة الشعري إدركيني يا حروف الأبجدية، إدركيني ايتها اللغة، إدركني يا شنفري، بحق الوجع العراقي النبيل، وبحق حمامات الحضرة، وبحق قباب الاولياء، والصالحين، حق نصب الحرية والعاشقة التي تركها الشاعر تنتظر تحت ظلاله الملسوة بالخفيف، بحق عصافيره التي لا تحب الجزتلات والرصاص، وبحق سمائه التي أودعها في خوذة شهيد ما زال دمه يتوجه على ساتر منسي في شرق البصرة، بحق نمانية التي ما زالت تتردد على جسر الكوفة، بحق غيمة الضو إلى بحرة شعر وبحق سماته الغربية، بحق بنت حميد المرعب التي مرقت وبحق المرايا لشعرها الطويل .. بحق بريق قنابله يوم كان يعمل خانة، وبحق شوارع بغداد التي شبعت من تستلعات الشاعر .. صديقي الشاعر والمبدع وحق مسلم من عقيل هيديق عدنان الصائغ .. واريد نزفي هذا اليوم يشبه الدم الفائر من الرؤوس صبيحة العاشر من عاشوراء .. نعم اريد نزقي يخضب كل القلوب البيضاء التي جاءت بلهفةٍ عطش سماع نوافير الشعر التي ستنطلف من واحة مكلب الصائغ .. فهذا الشاعر يذكرني دوماً بالطفل الرضيع الذي اخترقه الحسهم من الوريد إلى الوريد وان دمه الشاعري تصاعد كعصافير من الجمر ليتقر أخيراً في خد السماء السويدية .. عدنان الصائغ أنّه من ضل في سجن الرضوانية، ورعشة تلميذ في احطفاف، ودمعة أم كربلائية في مأتم حُسيني، وزنيل مليء بالبرتقال على رأس فتات قروية، وخببٌ لحصانٍ ركر بكً في شارع الرشيد، وكأس أخيرٍ في حانة رطبة في الباب الشرقي، وبيارق ملونة في مواكب المشائيين، ودمدمة الطبل في عاشوراء، وحساء الفقراء في مائدة رمضانية، ودعاء "كُميل" آخر الليل، وشربت تمر الهند بعد السحور، والكعك الذي يملأ جيب طفل يجلس على ارجوحة من جذع النخل في عيد، يقول عدنان .. "تبقى النخلة عطش وتموت ولا تحني قاتلها للوحل" هذا هو عدنان الصائغ .. رضيع الشعر المذبوح في شعر محرم .. لكن زغب ضياحيه استفاق مبكراً وحلّق بحمالات العراق حاملاً كل التفاصيل في حقيبة صدره وفي مأخي عيون اطف لهِ .. مضرت زوجته فلا عجب ان ترى وانت تدفل إلى بيت الصائغ عدنان .. ان العراق تملّه بيشمانه الوفا وعقاله وارجياله رعبلس على اريكة في بيت الصائغ. عدنان الصائغ .. شاعر لا يتكرر بسهولة .. ولقد ترك فراغاً واختمأ في مسالة الشعر العراقي حينما غادره، أليس هو من صرخ اينهوا الثمانيون قادمون في بيان أول للحداثة بيان للجيل، ويومها كانت المؤسسة الثقافية قريد وتسعى إلى تدجين لكل شيء وتحويله إلى طلق رصار في الجبهات، غير أن هذا الشاعر حمل بجرأة يتنكرها الجميع .. وحرحى على تقديم ما هو مضطهد ومظلوم ومغيب. فقدم عريان السيد خلف ورشيد العامل وغيرهم بالوقت الذي كان الناس نطنون ان هءلاء الجوا في حكم الموتا .. داخل سجون البالد، قلت لكم ان عدنان الصائغ طلقة خرجت على اجب مع الله من غصنٍ في شجرة الطوبى وهبطت إلى الأرض بحثاً عن الجزالات متى بتيدهم جميعاً .. واذا ما وطأت روحك ذات يوم أرض السويد .. فيمكن لأي فرشاشة تراها مصادفة في الشارع ان تدلك على بيت هذا الشاعر .. الذي تأبط منفاه .. ولاندري على أي طلل من الروح سيقف ليقول .. "في ضجيج الطبول لك ان ننتحي جانباً وتؤجل ما نقول" ولاننا الآن نبعد بالآف الأجتمة والالق عن تلك الطبول .. هاغن مع الشاعر عدنان الصائغ نجلس سوية .. ولنستمع إلى ما أرجل من التلام ومن الشعر في هذه الأمسية الفادرة .. معكم طفل الشعر ورضيعهُ الحقيقي .. المبدع عدنان الصائغ.
(*) ألقيت في في أمسية "صالون العراق الثقافي" في العاصمة الأردنية 29-1-2002
|
|
|
|
|
|
|