الوطن الخــراب.... (قصيدة)
طلال عبــــد الرحمـن
في مسيرة الشعر عصور يتألق فيها شعر أمة ما أو أخرى يسقط فيها الى الحضيض. واليوم إذ يتمرغ الشعر العربي في وحل الحضيض تبقى ثمة على الأقل موهبة شعرية فذة تأبى إلا أن يبقى الشعر في عليائه متألقاً كسهيل في ليل عتيم. إلى تلك الموهبة العراقية الفذة ... إلى.. عدنان الصائغ ... هذه القصيدة!!
إقتربي.. أ ُفض ِ إليكِ أمرا.. آذارُ (أقسى الأشهرِ.. يُحيي من الأرض المواتِ الليلكا.. ويخلط الرغبةَ َ والذكرى معاً محركا... بمطر الربيع ِ يائسَ العروقْ). خائفة ٌ أنتِ فهل نلعب أم نُغضي عيوناً دونما أهدابْ .. أم ننتظرْ.. طرقا ًعلى الأبوابْ؟ إقتربي أهمسْ إليكِ سرا... والسر بين اْثنين ِ ليس سرا.. لكنما .. جفـًت عروق الليلك ِ الطالع في آذارَ واستحالت الأرضُ إلى ... خــــرابْ. خائفة ٌ أنتِ فهل نلعب أم نُغضي عيوناً دونما أهدابْ.. وننتظرْ.. طرقاً على الأبوابْ؟ دعوتُ سيبليا وتايرِسْياسْ .. والتاجرَ الأعورَ وفليباسْ.. مدعوةٌ ٌ أنتِ فهل تأتينْ؟ نسمع تصخابَ طيور ِ النورس ِ البحري ِ أو نصغي إلى صلصلة ِ العظام ِ في الأعماقْ .. يجري بها تيارْ إلى قـــرارْ... ونسمع الغرقى يئنونَ وفيلوميلَ تستغيثْ والناس تجري خلفها... تدور في دوامة رهيبة من البشر.. شاخصة ٌ عيونهم.. والملكُ الرعديدْ.. يغصبُ فيلوميلَ وهي تستغيثْ.. خَـقخقة ٌلأقذر الأسماعْ. وكل شيء ينتهي في لحظة إلى قرارْ.. والموتُ سيدُ القـــــرارْ... ما كان في الحسبان ِ أن الموتَ يطوي مثلَ هذا العدد الغفيـــرْ! سوف أ ُريكِ الخوفَ يا صديقتي .. في حفنة من الترابْ. مدعوة ٌ أنتِ معي لمطعم ِ(الحمامه) .. أو مطعمِ ( الصيادِ).. لا فرقَ .. لكي نشربَ شيئاً جارحاًً.. ونُطلقَ العنانَ للآلامْ. أتذكُـــرينَ عندما فاجأنا آذارُ ذاكَ العامْ... بزخــة من مطر أحمرَ.. لونَ الشرف ِالمهانْ ؟ فاصطبغتْ شوارعُ الموصل ِ.. والصبية ُ يُـطلقونْ ألنارَ والحمامَ من فوق ِ بيوتِ اللهِ.. والنســاءْ.. كـُن يزغردنَ على استحياءْ؟ بهذه العين ِ رأيتُ امرأة ً.. تنهبُ بيتَ جارها وتــُطـْلق الهلاهلْ .. من قلبها .. وترفع الدعاءْ .. إلى (النبيْ يونسْ) لكي يحفظَ َ أبناءً لها كرامْ.. رأيتهمْ بهذه العينِ ِ التي يأكلها الدودُ يموتونَ خلالَ عامْ. وهل وعيت ِ وقعةَ َ الغـُـــرابِ وهْـو ينثرُ الريشَ على الأبوابْ فتعقدَ الولا ئمُ الكبيره.. لتسمنَ النسوة ُ والشيابْ. أنا وعيتُ جدتي .. خافتْ من المذياعِ ِ وهي تنعت النمرودَ ناصربالَ بالجهل وبالغباءْ.. إذْ دخلت في أُُ ُذنه ِ بعوضة ٌ.. فاستبدلوا الراسَ المصابَ بالذهبْ .. ذهبْ! ذهــبْ! ذهــــــبْ! لم يختر ِ الأسكندر الكبيرْ أرضَ العـــراق ِ مستقراً دونما سببْ! شمورماتُ اتخذتني عاشقاً لأنني أبحثُ عن ســببْ.. وأ ُكثِــرُ التسآلَ عن فرقعةِ الرقابِ في المشانقْ. خمسة ُ آلا فِ ســنهْ.. وتوت ُ عنخامونْ أصابهُ الطاعونَ كي يطوفَ في العواصمْ ما قالَ شيـئاً.. خانهُ الكلامُ في دمدمةِ المدافع! تقلبُ الريحُ كتابَ البــحر ِ صفحات تشيبُ الرأسَ والأهدابْ.. ويطلق ُ العـُبابُ شـيئا ً يـُشبِهُ الشعرَ.. وفي ثانية... يسربلُ الروح َ ندى الحقيقهْ. إقتربي أ ُسـِرك ِ الحقـيــقهْ.. عفوَك ِ... محظورٌ علي قولـُها! عليك ِ أن تـَسعـَي لها.. وموجة ًً فموجةً ً تفتشي في النهر ِ والنــهرُ يسيرُ مسرعا ً للشط ِ والشط ُ الى البحَر. والبحـْر ُ حين ينتهي تبتدئ ُ السماء ُ والسماءُ حين تنتهي تبدأ ُ عيناكِ وتمتدانِ ِ للأزلْ. البحْـــر محض ُ دمعة .. أ ُوشك ُ أن أسكبـَها.. قصيدة.. أوشك ُ أن أكتبـَها.. بحق عينيك ِ ولكني حزينْ.. مصادرٌ من قبل ِ أن أولد َ.. موسومٌ على الجبينْ. مدعوة ٌ أنت معي.. ألى ضفاف ِ دجلة.. حيث جلست ُ مرة ً ثم انتحبتْ! نكسرُ الحـجـَرْ نبحث ُ في بلوره ِ عن الصوَرْ.. سوف أ ُريك ِ الخوف َ في وداعة ِ النهَــــرْ! ــــــــــــــــــــــ (*) نشرت في موقع "صوت العراق" على الانترنيت/ الاربعاء 1 - سبتمبر - 2004
|