على العتبات... عند الشبابيك
عبد علي الرماحي - كندا -
إلى عدنان الصائغ.. انطفاء الكوفة ورماد احتراق القصيدة.. حزنُها.. والمدى.. توأمٌ وعلى كل خطوة دربٍ.. تُرش القبلْ عابرون إلى موتهم.. فضةٌ لا يؤكسدها صمتُها ثم لا تُختزلْ والبيوتُ التي لم تزلْ أدمنتْ وهمها أننا لم نزلْ صاعداً نحو أفقٍ بعيدٍ ولكنّه والحنين.. وأوراقه.. قد نَزَلْ هابطاً والحشودُ المريضةُ هاتفةً بحياة الرئيس/ بموت الوليدِ المؤمّنِ منذ الأزلْ يا لهُ مشهدٌ والدماءُ تضمّخه والخجلْ قاربتْ سُكرها وانتشت ثم نامَ الوجَلْ نَضحتْ صمتها.. والمغنّي لَهى.. ثم دار الزجلْ لم تُفِقْ منذ دهر بعيدٍ على صوتهِ حين أيْقَضْنَها نطنطاتُ الحَجَلْ فلعَلْ.. ثم.. علْ غابَ نجمُ الهوى مذ رأى نجمها قد أفلْ والندى بردُ طلْ ويداها بَللْ عابرون إلى جبهةٍ/ جنةٍ عاليةْ والأراكُ وأقطافها دانيةْ مفعمٌ بالذنوبِ الثقال كتابي محضُ انطفاءاتِ مَنْ ذا الذي سوف يتلو على سمعكم ما بيَ؟ مرةً.. وانضويتُ كمنديل عرسٍ ولِذتُ بأبوابه وانحنيتُ وشبّاكهُ أخضرٌ.. فامّحيتُ مسحتُ بوجهي على وجهه فدنى.. ودنيتُ قرأتُ زيارته.. واحتييتُ هممتُ.. ولكنهم ما دعوني بكيتُ.. وصحتُ: أيا سيدي!! واختنقتُ بعبرةِ وجدي ولامس صدري شُفيت.. وشاهدتُ نورَ مُحيّاه.. مِشكاتَهُ - سيدي.. دونك الحزنَ.. حزني على حزنكم - هاتهُ وقرأتُ الرثاء وأبياته مشهد اللطمِ ما فاتهُ وحكى قالَ: والكوفة انتبهت يومها وعلى لحمهِ أفطرتْ مَنْ يباركها صومَها؟ والفراتُ بكى المواعيدُ.. سوداء والأرض.. سوداء جدران كل البيوت العتيقة سوداء أثوابها.. وعباءتها.. قطراتُ الدموع أحاديثها.. ويداها بللْ قطّرَتهن ماءً لثغر الرضيع ولكنه لم يفقْ.. ظلّلتْ فوق ضعن السبايا بأبرادها لم تطقْ لمحتْ رأسه مترباً دامياً.. عرفَتهُ رأتهُ فلمّتْ نجوم السماء تقطّرهنَّ لثغر الظمى أمطرته أفِقْ سيدي.. قبّلتْهُ ولكن ضعن السبايا نأى - مَنْ رأى؟ نوره نازفٌ.. مَسَحته فأشرق من مغرب الكون غطته بالعبرات الرقيقة وانتحبتْ وبكتهُ.. وعادتْ لشبّاكهِ.. كان شبّاكهُ أخضراً والأفاريزُ.. ريشاً وضوء المصابيح والعابرونَ إلى موتهم والمصلون والهمهمات الخفيضة والزائرون.. وكان الفراتُ على قبره مثل دمع الثكالى يفيض وكان الحسينُ ندىً وأنا لم أزل عند شبّاكهِ رافعاً للدعاء يداً
3 محرم 1418 هـ/ 10 أيار 1997 - تورنتو
|