أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
 
الحياة الثقافية:

حارس مرمى الأناقة الشعرية

محمد صالح عبد الرضا

قرأتُ أخيراً مجموعته الشعرية التي أهدانيها "غيمة الصمغ" فأحسستُ أن ثمة عنفواناً شعراً فيه شيءٌ من الألق يعلو وجه قصيدته الذي لا يضيع في زحمته الوجوه، أنها قصيدة ذات ايحائية شفافة وبساطة صادقة. قصيدة رشيقة واضحة لها افضاءاتها المتوهجة بالأصالة، تدخل أفق الإثارة والدهشة من خلال معاناة وجدانية يسعى الشاعر لإجلائها بذاكرة عينيه غنية بالصور.
إنَّ تجربة عدنان الصائغ باتت تلامس أعماق القارئ لشفافيتها وعنفوانه وأول ما يسترعي الانتباه فيها ذلك التميز في شخصية النص وخصوصيته، وتلك العلاقة الدموية بالموضوع، تجربة خلاقة ترسم بالكلمات، وتخلق شكل القصيدة وإيقاعها، وليس من باب الإطراء حين نقول إنَّ هذه التجربة حافلة بامكانات شعرية وذات قدرة أصيلة على الخلق الشعري، تركز على البناء الإيقاعي الداخلي للقصيدة.
وفي (غيمة الصمغ) استطاع الصائغ أن يقدم لنا تجربة خصبة برؤية مركزة محكمة البناء، ويقدم قصيدة أعمق امتلاء بحس التكثيف والتركيز بكل ايحاءاتها ورموزها وفرادات الحياة اليومية البسيطة التي يستخدمها: "البحر – الحنين – النساء – الذكريات – القميص – الشوارع – المنازل – المقاهي – الباص – الغيوم – المطر – الوظائف – الحرب – الطائرة – الشظايا – القنابل – الأصابع –".
هذا شاعر خلاق من بين أبناء جيله الشعري واليقين المستحوذ على قصائده هو الهم الاجتماعي والفني في آنٍ معاً قوامه الرؤية وهي قوام الشعر، صورة راعفة بالحركة ورؤياه تستقطر الواقع والتجربة، الحب والوطن، ومن يتأمل كائناته الشعرية يدرك كيف تنير وجدانه وهي تنسج خيوطها من خلال ما تفجر من انفعالات غير عادية إزاء موضوعات عادية حياته ويوميه. مرة قلتُ له كما قلت – لجواد الحطاب – إنك تكتب بأنامل مصمم أزياء، وتلك حقيقة شاعر بالغ الصفاء والعفوية والبساطة يقيم لقصيدته أفق علاقة مع تجربته الداخلية، فتفضي عن نفسها من خلال صور حميمية، تثير التأمل في ما تعكس من تنوير إنساني ووعي وجداني فتزداد اقتراباً من قارئها في زمن لم يبرأ فيه الشعر من أمراض التجريب والتهويمات المصابة بفقر الدم وهذا أقتل ما يقتل القصيدة حين تتوهم الرؤية وتتملق الإحساس فتتفكك إلى صور متصادمة لا تتصادف.
إن عدنان الصائغ الذي يكتب قصائده بالحبر الأخضر فتورق فيها الصور يمكن أن نسميه حارس مرمى الأناقة الشعرية في الجيل الشعري العراقي الجديد الذي يعد فريقه (المبدع) على أصابع اليدين، وأن حارس مرمى الأناقة الشعرية هذا لا تدخل مرماه كرة التجريب العابث مهما طالت الأشواط.


(*) صحيفة الجمهورية – بغداد تموز 1993
 
البحث Google Custom Search