أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
 
ما يفلت من الضوء يذهب إلى العتمة
 
حيدر عبد الرضا
البصرة

 

ان البلاغة الجمالية والمعرفية للقصيدة تقارب شفروية ( مخطط علائقي ) وتستثمر مرونتة واتساعه الدلالي ، وبلاغة القصيدة هنا ، ليس رصفا لمفاهيم جامدة ، وتجميعا دلاليا لادوات معيارينة وجمالية ، بل هي نسق من التوسعات وتركيب من الترابطات الممكنة والموسومة بالانفتاح ومساءلة المواقع النصية الامنة ، وهذا التصور لربما يخالف البلاغة التقليدية للقصيدة ، والتي اهتمت اساسا بفن القول السائد ، وبالتالي بانتاج الخطاب المعاكس لماهية الكتابة الشعرية الجادة ، بدعوي ان الكتابة الشعرية ممارسة ثانوية ومثبتة ومعلقة كما هي في الاضافة لهذا غافلة عن الاماكن الانفصال والنقص في كيفية تعارضاتها وانكساراتها. قلنا بأن البلاغة الحداثوية تقارب النص الشعري لتهب نفسها لمواقع القراءة ومستويات جديدة ومن التلقي ، كما تحفز علي احتفال الرغبة وانطلاقات الصور الشعرية الحاملة للفكر واحلام القصيدة 00 غير ان هذا لايعني دون شك اننا نمهد لدخول عوالم قصيدة (يولسيس ) ولا نود كذلك بهذا من ان نحتفي بدخولنا المتردد خصائص ومميزات شعرية وصوت عوالم الشاعر عدنان الصائغ ، فالعلاقة مع سرانية نصوصية هذا الشاعر تبقي دائما لها حدودها وشروط دخولها التغير معلن ، ومن ثم ، تكون العلاقة الحوارية بين القراءة والتلقي والنص والشاعر ، ممارسة تسعي لتشخيص طرائق انتاج الاليات والمواقع النصية المولدة للحظة التلقي :-
علي جسر مالمو 
رأيت الفرات يمد يديه 
ويأخذني 
قلت اين 
ولم اكمل الحلم 
حتي رايت جيوش امية 
من كل صوت تطوقني 
وبهذا الاعتبار تتحول القصيدة من عند لدن الشاعر الصائغ من البلاغة القراءة الي الندرة والاختزالية المسكونة بحنين قصدية الهدف والمرمي ، فالعلاقة اذن هنا ، ومن خلال مقاطع مدخل القصيدة هذا ، نجدها تستدعي وظائفية التشخيص المسبق والمعلن ضمن حدود ارتسامية الموصول الايحائي والحرفية المنطقية في اختلاج تتدافعات ( الاشكالية القرائية المخالفة ) فالعلاقة اذن هي وبهذا المضمون المنتج ، عبارة عن فحوي قران منتج ومعقد من الثيمات الارسالية الموصولة بتحولات اللحظة الدالة ، كما الحال ، مثلا ، في قول الشاعر :- ( ولم أكمل الحلم ) او مثلا في حال قوله الآخر( ويأخذني قلت اين ) وهذا بدوره ما يجعل من علاقة تجربة (المرجعية المتعالية) لبنية اللحظة ( الوضعية) داخل موجبات ومستويات الانفتاحات الشرطية التي هي بين إرادة الموصوف وتضمين حركة المتحول النصي. وعلي هذا الأساس يكون بامكان الشاعر الصائغ من ان يربط باقي اجزاء قصيدته داخل نظاما كاملا وخالصا ، لان هذا يفضي بدوره الي منضومة من التعالي الخطابي في جوهرانبة اتصالاته العلاماتية . ان الكتابة الشعرية بمفهومها لدي الشاعر عدنان الصائغ، وذلك في ماهو واضح من خلال اجواء قصيدة ( يولسيس ) حيث تنكشف بوصفها (اختلافا كتابيا) : أي استردادا مختلف للنص ، لكن ضمن حدود التوافق مع قصدية الشاعر المفتوحة والثرية ، وهذا الاختلاف في كيفية موجهات النص ، يجعل من العلاقة في طرح المعني سابقة علي وجودها الماهوي ، فهي لربما بهذا ، نمفي عن نفسها البداهه وتقاوم عائق المباشرة والمعطي ، كذلك فانها تفسر البسيط بالمعقد لا العكس اذ ليس المعقد مجرد تراكم للبسيط ، أي حالة تستنبط منه ، بل هو نظام فكري ومنهجي نفرضه علي البسيط كي ينتج معرفة ، فالنص الشعري لدي عوالم الشاعر الصائغ ، لربما لا يخرج عن وجود حدثا بسيطا وبديهيا ، بل اننا نجد كما الحال في قصيدة (يولسيس) عبارة عن نسيج علاقات محكمة ، يضمر النسبية والتعدد والجدل والتباين والارجاء .. وهكذا يرتسم الشعر عنده بين اطراف وحواف تلك العلاقات الاختلالفية ، تجاذب وتباعد ، اقتراب وانسحاب ، أي ، فاصل وفسحة ومسافة ، ولدرجة اننا قد وجدنا وجود النص الشعري لديه حاضرا حصرا داخل حدود تحرر القصيدة لنفسها من نصيات منقوشة تحت بياضات العبارة القائلة (ما يفلت من الضوء يذهب الي العتمة) أي - اننا قد لا نغالي في الوصف اذا قلنا بان الشاعر في بعض مقاطع قصيدته ، لربما قد اضحي مغاليا وهو ينسج من استقامية الوثوقية الذاتية لديه الي امتطاء حالة من انعزالية (الذات عن الموضوع) وهذا لربما من شأنه خلق حالة من غلو حضور المجرد التوصيفي الذي من شانه بالتالي خلق نوعا ما من مفترقات المعني السليم ، ويهذا ايضا يتموقع الازدواج والنفي وحضور حالة من المقولة الماثورة (ما يفلت من الضوء يذهب الي العتمة) :
آه ... يوليسيس 
ليتك لم تصل الان 
ليت الطريق الي مالمو كان ابعد 
ابعد 
أبعد
أبعد ..
وبهذه المقاطع الختامية من عوالم قصيدة (يولسيس) نلاحظ ثمة تبادل بين الداخل والخارج بين الانغلاق والانفتاح ، بين التشخيص والتاويل ، بين الخيال والحقيقة ، بين الحضور والغياب ، بين انعزال الذات عن الموضوع ، وبالتالي نلاحظ بان حضور وعي الشاعر في مركزية موجهات رؤيا القصيدة ، هو ما جعل الاختلاف يقلص من حجم انحرافات الذات المتتحة عبر مسافات انشطارات المعني المطروح ضمن صيغية وعنونة تفكيك (الذات عن الموضوع) غير اننا في الاخير وعند ختامية مقاطع قصيدة الشاعر لربما قد لا نعثر بغير مزيد من ذلك التوحد والتماسك الذي يقترب من حدود ومؤشرات النص الرفيع (اللامنظور) الذي يسري بين سطور الكتابة الشعرية مشعا بوميض عبارة اندراجات العنونة المركزية (ما يفلت من الضوء يذهب الي العتمة).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) صحيفة الزمان اللندنية 20081027، موقع الجيران 28/10/2008

 

 
البحث Google Custom Search