أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
 
وخزات كازنتزاكي

عبد الرزاق الربيعي

يقول ( نيكوس كازانتزاكي)  في يومياته  ( المنشق ) التي نشرتها زوجته ( ايليني ) :"يكفي قلم وورقة بيضاء ومتسع من الوقت والعزلة والضحك المتبادل مع شخص حبيب لترى النور روائع أدبية جديدة "
لذلك رفد كازنتزاكي الإبداع العالمي بالعديد من الروائع الخالدة التي ترجمت إلى اللغات الأخرى ك(زوربا ) و(المسيح يصلب من جديد ) و(الأخوة الأعداء ) و( تقرير إلى غر يكو)
وتؤكد زوجته إن( كازنتزاكي ) اعتاد لأكثر من خمسين عاما تخصيص ذكرى يوم ميلاده لمحاسبة ضميره وتقديم تقرير عن مسيرته الطويلة وكان يقول " لقد بددت ُ قواي , كان في امكاني أن أنجز أفضل "
فإذا كان كازنتزاكي الذي اعتاد أن يبدأ برواية جديدة في اليوم نفسه الذي ينتهي من رواية سابقة , كما بينت اليوميات , غير راض عن نفسه , فماذا نقول نحن الذين نمتلك قدرة هائلة على إهدار الوقت في المناقشات العقيمة والتثاؤب في مقاهي الكسل , وتعقب زلات الآخرين , ومتابعة برامج تلفزيونية بلا لون ولاطعم ولا رائحة , والأحاديث الطويلة في الهاتف , والدردشة عبر (الانترنيت ) وبناء الأوهام ,ومن ثم هدمها للدخول في دوامة أوهام جديدة ,وفي هذا الإطار اذكر إنني كثيرا ما كنت أرى العديد من الأدباء والنقاد ظهرا في مقهى ...... وهم يتبارون في لعبة ( الدومينو ) أو (الطاولي ) وأتساءل : متى يقراون؟
فيضحك صديقي الشاعر عدنان الصائغ من سذاجة السؤال , ويسحبني من يدي مساء  لنادي ...... فأرى الأيدي نفسها التي كانت ظهرا تفرك الزار برشاقة وترميه بخفة وسعادة بعد التحديق بالنقاط السوداء المنقوشة على جوانبه , تمتد لترفع الكؤوس لتشرب نخب ضياع الوقت , فأسال الصائغ وقد عقدت لساني الدهشة : متى يكتبون ؟
صحيح إن المبدع إنسان  من لحم ودم وشهوات ونزوات , لكنه بنفس الوقت له مسؤولياته الجسام , له ضميره الإبداعي الذي يوخزه كلما أهدر دقيقة من وقته في غير صالح موهبته , وقد اعترف الشاعر محمود درويش في حوار تلفزيوني انه أضاع الكثير من وقته هباء على أمور يومية عابرة , وعندما سألته المذيعة : مادمت تعرف هذا ,فلماذا فعلت ذلك ؟
أجابها : إنها طبيعة الحياة , وبالمقابل فقد أحسن( درويش ) الاستفادة من وقته فأنجز الروائع الشعرية المعروفة , ذلك لأنه جعل الهدر في الوقت في حياته هامشا , لكن وخزات ضميره الإبداعي جعلته يشعر بفداحة الوقت المهدور , كما كانت الوخزات تقض مضجع كازنتزاكي لتصبح هذه الوخزات ملازمة لكل من يحمل ضميرا إبداعيا حيا .


(*) نشرت في صحيفة "الزمان" ع 1587 في 19/7/2003.
(*) نشرت في موقع كتابات 6  ايـــار 2004.
 
البحث Google Custom Search