أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
 
مسرح بسعة الحلم أو مشاهد لم تكتمل بعد

د. حسين الانصاري

اي مسرح هذا الذي يؤجل السؤال ويغيب الرأي ويلغي الموقف؟ اي مسرح هذا الذي ينسي هم الانسان ويتجأوز اشكاليات الواقع؟ اي مسرح هذا الذي لاتسكنه المغامرة ولايرهن ذاته لللفكر المتجدد والتغير؟ اي مسرح هذا الذي يتخلي عن مرجعياته وسر تشكله ليهيم في صحراء التجريد والغموض واللاجدوي؟ أي قداسة تبقي لمسرح يجافي الحقيقة ويرتق ثوب الواقع بالهامشي والمطمئن؟
أليس المسرح هو فضاء الحرية واشباع الذات من العطاء المعرفي والجمالي؟ أليس المسرح هو رؤيا العالم وفعل الحياة الذي ينبغي ان يكون؟ أليس المسرح هو خلاصة المخيال الجمعي عبر صيرورة التلقي واعادة انتاج المعني؟ ازاء هذاه الاسئلة اين موقع مسرحنا العراقي؟ وما المطلوب منه في الزمن الراهن؟
هل ارتقي بفعله الي مستوي ما يحدث أو أماحدث؟ أليس المفروض ان يحقق المسرح ضرورة وجوده ، ويرصد المشاكل المصيرية التي تحدق بالمجتمع في ظروف استثنائية ملتبسة كما نحن عليه الان من اجل خلق التوازن واعادة بناء الوعي كهدف من اهداف العلاقة بين المسرح والمدينة فهذه بغداد التي تدمي شوارعها الالغام ويمزق هدؤها العبوات الناسفة ومسرحنا الوطني مازالت تسوره البنادق وتحيط به عجلات المارينز ويملئ فضاء حديقته العسكر. مسرحنا قد احترق وعلا جدرانه السواد، لا بل لفه الرماد، منذ حين وماكبث يصول بدوره الاثير. يمارس الالغاء والتهميش والتدمير، يعبث مايشاء، يزيف التاريخ وحاضر الازمان، لابل غير الاسماء والفصول، ونحن صابرون، ويوم اثر يوم، تكبر الجروح ويعتصر قلوبنا الالم. فالممثل الكبير تجاوز الحدود والحقب، تجأوز الحوار وكل ماانكتب، مسرحنا قد احترق ولفه الظلام، قلوبنا معلقة وصبرنا طفف. لابد ان نعيد لمسرح الرشيد ذلك الالق سنوقد اكفنا شموع
ونجعل من صدورنا جسور
كي تعبر الجموع

(2) مشهد من المسرح البابلي.

ها هي انانا ترتقي المسرح البابلي، توقد الشموع وترمم من الاشياء ما انكسر. الليلة ستحتفل المدينة بعودة الحياة والخلاص من الجحيم الذي حل بالبلاد. الرأوي: يا اهل الحرف يا صناع المشهد ايها العازفون والمنشدون والمؤدون تهيئوا فموعد احتفالنا قد اقترب. اينانا: فلتفتح ابواب المسرح الكبير، الجوقة جاهزة، والجمهور قد حضر. صوت: ولكن اي نص سيملئ هذاالفضاء؟ واي دور سيجسد حلمنا عبر القرون؟ اينانا: ما عليك الا ان تكون مع الاخرين تسمع وتري ، عندها سوف يأتيك الجواب. تظهر الجوقة وقد تزينت باحلي الملابس وابهي الحلي. الجوقة: نأتيكم من عمق التاريخ حضارة، نحمل فوق اكتافنا الواح ابجديتنا حرفا ورأيا ودلالة نعرضها اليوم هنا بلا مكياج أو ديكور أو ستارة مسرحنا الفضاء والجمال والاشارة الصوت: ومن اين لكم مرجعيات النص ومصدر الخطاب؟
الجوقة: نستلهم من حمورابي رموز مسلته حكمة وعدالة وناخذ من عشتار قاموسها حبا وخصبا ونماء ونستمد من تموز نسغ التجدد، ديمومة وبقاء.

مشهد معاصر

ليتامل سامي عبد الحميد رحلة جديدة (لجلجامش) الذي عاد للتو من اسفاره وهاهو يرنو الي اسوار أو روك عله يجد فيها الحياة التي يبغي والخلود الذي ينشد. ليعيد عادل كاظم (المتنبي) الشامخ بالشعر ولكن بعيدا عن كافور الاخشيدي وسيف الدولة ليضع محي الدين زنكنة نهاية اخري (للجراد) الذي احترق بعطر الزهور هاهو(بونتيلا) يوسف العاني وتابعه الامين ماتي يحمل(المفتاح) لبوابة مسرح الفن الحديث فما تزال(النخلة والجيران) يترقبون وصول خليل شوقي ليروي لهم الكثير عن(بغداد الازل بين الجد والهزل) و(كان ياما كان) بل وما سيكون. (3) سيرسل قاسم محمد بحكاياه عن(الارض والعطش والانسان) فهو العارف في (مجالس التراث) والمتحدث(بضمير المتكلم) والمحلق في (الصحون الطائرة) اذا سننتظر منه (رسالة الطير) معا" ليغترف الاسدي جواد من ماء دجلة(براحتي يديه اللتين حملتا العالم) مشهدا ورمزا ودلالة، ليروي ظمأ الاشواق وغربة السنين، لقد اَن لفارس (المجنزرة) الماكبثية ان يتنفس هواء البلاد (ويرفع راية) الفرح المطرزة (بخيوط الفضة) وعلي تقاسيم العنبر. ليخرج صلاح القصب من (عزلته الكريستالية) منتشيا" (بحلمه الضوئي) علي اجنحة (طائر البحر) وليردد عوني كرومي مع (غاليلو) (ترنيمة الكرسي الهزاز) وهما يحتفيان (بالانسان الطيب من بغداد). اما الحالم فلاح شاكر (بامانيه الالف) الم تفتح (ابواب جنته بعد)؟ (الجنرال) قد رحل (وليس لدي الكولونيل من يكاتبه) فليستغرق في احلامه اذا وليرتحل كما يشاء. ليدوي صوت عزيز خيون مجلجللا (لو) ينزل (المطر يمة) معانقا الارض بعد جفاف السنين عندها سنقطف الحنين. ليبقي غانم حميد محتفظا" (بذاكرته يقظا" بعد الهذيان الطويل) فبأنتظاره من عدنان الصائغ جديد الشعر وهذيان للفرح الجديد. ولينشد عقيل مهدي مع (السياب) مرددا الشمس اجمل في بلادي من سواها والظلام حتي الظلام هناك اجمل فهو يحتضن العراق مشهد: الراحلون لتهدا ارواحكم في علياء الخلد ايها المبدعون (حقي الشبلي حامل مشعل المسرح وعميده، ابراهيم جلال المجدد الجريء، جاسم العبودي ساحر الواقعية، بهنام ميخائيل كاهن الخشبة . هاني هاني عاشق الناس والحجارة، زينب سيدة الاداء، فاروق فياض رجل المسرح والكلمة، عبد الجبار كاظم مثقف الاداء، حامد خضر الصوفي المتمسرح، محسن الشيخ مهندس ايماءة الجسد منكم تستمد الاجيال قداسة الكلمة وشرف الامانة لمواصلة النهج الي مسرح الناس والبهجة. (4)

مشهد المهاجرون

الي اقاصي الارض قد ارتحلوا، ليس في حقائبهم سوي من كبرياء النخيل وقارورة عطرٍ من مياه الفرات، حفروا في صخر غربتهم فأينع الصخر ابداعا ومجدا، توزعوا في المنافي وظلَ الوطن مسرحا (للروح وامتدادا) للرغبات والاماني. رغم بعد المسافات وطول السنين فلم تزل اصوات روناك شوقي، وفاضل الجاف، البياتلي، باسم القهار، ناجي عبد الامير، اياد حامد، كريم رشيد، محمد سيف، عبد الحميد الصائح، صلاح حسن. ومن النقاد ياسين النصير، عواد علي، حسين الانصاري، قاسم مطرود، عبد الخالق كيطان والقائمة تطول وتطول..
مشهد الختام
الجوقة: نود ان نقول بأقتضاب
نصنا هو الاداء
مسرحنا هذا الفضاء
وببكم يكتمل الخطاب
ادوارنا قد وزعت
الكل جاهزون
فلنطلق العنان للخيال
محرراَ من سلطة الزمان والمكان
من اجل عالما بديل ومسرح اصيل
الحلم فيه ممكن
والراي غير مستحيل


* هذه الشهادة، الحلم اعدت لمهرجان قرطاج الدولي


(*) نشرت في صحيفة "الزمان" ع 1666 في 18/11/2003 / وفي موقع "الف يا"ء تشرين الثاني 2003
 
البحث Google Custom Search