أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
 
فن القتل وفن الشعر في العراق

قاسم سرحان
sarhanqal@aol.com

لوركا ايّها الاندلسيّ المضّرج بحلم الشعب...لوركا ايا لوركا
الا زال دمك غضا طريّا كعيون فتيات غرناطة..
عرسك فجر..عرس الدم.. عرس طليلطلة..عرس الشعب...اندلس تلبس احلامك يالوركا
عرسك...دمك ..يمطرا فرحا يدغدغ احلام الصبية والفتيات الشبقات بجذوة روحك..
عرسك يمطر ملائكة وسماء جذلى بعشقك يالوركا ..
مازالت روحك والحلم الثوري يمتدّ سماء..
يجمع احلام النوارس والبلابل والعصافير ...فرح انت يتفجر عشقا
عشق انت يضاجع احلام الاوطان
الاوطان تتسائل عن سرّ بقاء هواجسك الربانية تنبض حتى الساعة يالوركا
قرنفلة انت...ام زهر خزامى
زهرة اكثر عطرا هي روحك ياهذا
انت ترتدي وطنا...وتسكر شعبا...وترتفع صليبا
حرية نهرك تسقي العطشى
هل مازال هنالك في الضفة الاخرى من يشرب من نهرك يالوركا....

*     *     *

اه ايها الحلاج لو تعلم انك كنت الاحمق هذه الساعة لأنتفضت من كفنك الان..وكفرت بكل الصوفية والشعر وفهم الله وفهم الحاكم والمحكوم..
لو كنت تعلم انك لاتدرك مايأتي بعدك في هذا الزمن الاغبر...لكفرت..وتمردت..وسقيت روحك بخمر قريش على ان تقتل وتذبح وتصلب.......

*     *     *

لم اكتب الشعر منذ اكثر من عشر سنوات واعتقد ان آخر قصيدة نشرتها في مجلة الثقافة الجديد كان عام 1993 اي بعد خروجي من معسكرات الارطاوية في السعودية , والقصيدة ارسلت عام 1991 عن طريق الاخ الشاعر حيدر الكعبي, وعند قدومي الى الولايات المتحدة وعملي في الشأن الاعلامي والسياسي انقطعت عن كتابات الشعر , هذا الهاجس الذي طالما شغلني حينما كنت في العراق , كنت دائما اقول في نفسي ان هناك كثير من الشعراء العراقيين الذين يغطون المنفى العراقي , وهؤلاء لهم من الموهبة الشعرية افضل مني في التعامل مع الشأن الوطني العراقي ومأساة اهلنا المظلومين في العراق والتعبير عنهم ؟
وفعلا ظهرت اسماء عراقية جيدة في هذا الجانب ومن اصدقاء اعرفهم في العراق ومن ابناء جيلي الشعري - على الرغم من اني لاأدعي بأني شاعر - ....لكن السوآل هو كم شاعر عراقي من هؤلاء عبّر عن معانات الشعب العراقي والوطن العراق , حقيقية ان هؤلاء لايتعدون اصابع اليد , في حين انك تجد في المهجر والمنفى العراقي آلاف الشعراء العراقيين , منذ عشرين سنة مضت اقصد من العراق والى الان , منذ زمن الكتابة الى نظام صدام حسين ونشر شعرهم في صفحاته البعثية والى اليوم شغلهم الشاغل هو فنّ القصيدة الشعرية ؟
شعب يقتل ويمزق وينسحق وشعرائنا يجتمعون في مقهى حسن عجمي او الزهاوي او غيرها من المقاهي البغدادية لينظرون لنا في فن القصيدة وما كتبه زاهر الجيزاني او كمال سبتي او عدنان الصائغ او خزعل الماجدي, والجدال الاجوف والسخيف حول ريادة بدر شاكر السياب او نازك الملائكة او المرحوم عبد الوهاب البياتي , في اليوم التالي من النقاش كل منهم يذهب الى طريقه الخاص لنشر قصيدة في صحف نظام البعث عن طريق التملق لهذا الكاتب البعثي وذلك رئيس التحرير , وبعد نشر قصائدهم يجتمعون مرة اخرى في احد هذه المقاهي للتفاخر بنشر قصيدة لهذا الشاعر وعدم نشر قصيدة للاخر , كون ان الاخر حتى لو كانت قصيدته اجمل واكثر ابداعا من القصيدة المنشورة في صحف نظام صدام حسين  , يعتبر بمقاييسهم قد فشل في الشعر والفن الشعري , واتذكر هنا بعض قصائد اخي كاظم شناوة الذي كانت قصائده تتفوق على الكثير من شعراء صحف النظام وبشهادة كثير من ادبائنا المختصين في الشعر العراقي , الا انه عندما يلتقي بأحدهم يكون السوآل هل نشرت لك قصيدة في الثورة او الجمهورية ؟
اقول هذا واذكره بسبب المأساة التي يواضب ان يستمر عليها هؤلاء انفسهم الذين نعرفهم هناك في الداخل العراقي, عندما كان شعبنا العراقي يذبح وهم شغلهم الشاغل فنّ القصيدة الشعرية ؟
انا لااعلم الى اي مرحلة وصل هؤلاء المتشاعرين بفنّ القصيدة الشعرية.... والى اين ستنتهي هذه المهمة العظيمة الموكلة اليهم في تحديث الشعر العراقي والعربي الذي وصل الى مستوى ينفر منه العالم والجاهل...
ثمّ نريد ان نسأل هنا عن ماهية الشعر والشعراء...ولماذا يكتب هؤلاء ولمن ؟
هل شعرائنا الكرام يكتبون الشعر من اجل الشعر ؟
ام يكتبون الشعر من اجل القضية العراقية والعربية والعالمية والقضية الانسانية ؟
ام يكتبون الشعر للاسترزاق والتكسب والتثيقف والبهرجة الساذجة على انهم شعراء ؟
ام انهم يكتبون للتحديث الذي لن يبقى حديثا فيه ؟
سنون مضت وهؤلاء يدورون حول انفسهم بأسم الحداثة الى ان وصل بهم المستوى الثقافي لتسقيط كل جمالية للقصيدة العربية, سقط الوزن, وسقطت التقفية, وسقط البناء الفني للقصيدة, وسقط التناغم الموسيقي للغة الشعرية, بعدها حولوا القصيدة العربية الى نثر, وحتى هذا النثر لم ينجو من التحديث والفنية الى ان وصلت القصيدة لهؤلاء الشعراء الميامين عبارة عن خزعبلات ساذجة لاتمت للادب والشعر بشيء, وحقيقة ان هذه العملية الشعرية وقضية التحديث في الشعر العربي تقودها مؤسسات صهيونية وامبريالية للقضاء على اللغة العربية وفنونها, واول من ابتكر هذا الجانب هو شاعر لبنان العميل الكبير للقوى الامبريالية يوسف الخال في ستينيات القرن الماضي.....
شعرائنا يكتبون الشعر من اجل الشعر...نعم لربما هذا صحيح وانا اتفق مع هذا كون هذا الشعر والشعير لااحد يتطلع فيه ويهضمه غيرهم هم هؤلاء الشعراء الفطاحل..
ليس هناك قضية في شعر هؤلاء..لم المس هناك شعب عراقي مظلوم في فنية قصائدهم التحديثية على غرار مايكتبه الشاعر سعدي يوسف او حسب الشيخ جعفر...ليس هناك وطن اسمه عراق... ليس هناك قضية لهؤلاء الشعراء.....كلّ ماعندهم الان انهم حصلوا على جنسيات الدول الغربية...وامسوا غربيين, اذا لماذا العراق وما هو شأنهم بالعراق وهم انفسهم كانوا بالامس القريب من كتبة نظام البعث واساطينه... اليوم هؤلاء الشعراء تصرف عليهم الدول الغربية وتتصدقّ عليهمبالمعونات, وهم يعيشون افضل من المستوى الذي كان يوفره لهم صدام حسين وصحفه البعثية, هؤلاء الان ممكن لهم ان ينشرو قصائدهم في شبكات الانترنت ويتحدثوا عن تأريخ الغرب ومجدهم الماضي التليد في احضان نظام المجرم صدام حسين...
لم اجد شاعرا منهم بشرف وعظمة لوركا شاعر الاسبان العظيم...الذي ضحى بدمه من اجل شعبه وقضية وطنه
كيف يكون هؤلاء مثال للوركا وهم في داخل انفسهم يسخرون منه ويحطون من قدره وتضحيته..
كيف يكون للجبناء والعملاء والمرتزقة ان يتشرفوا بهذا القدس الالهي الطاهر..وهم كلهم رجس وعفن ورذيلة..
كيف يكون مثل هذا لهؤلاء وهم من المتأمرين عليه هناك..في داخل العراق وهنا اليوم في المنفى والمهجر بعد ان تنكروا لعراقيتهم وعروبتهم وشرفهم الوطني..
ايادي صدام الملطخة بدماء العراقيين يشترك بها هؤلاء ومن لفّ لفهم...قضوا حياتهم بالنصب والدجل والنفاق والخديعة حتى على اقرب المقربين اليهم...مأساتنا نحن ابناء الشعب العراقي يتحمل جزء منها صدام حسين...الاّ ان الجزء الكبير يتحمله هؤلاء الخونة والعملاء وممن لاشرف لهم... يتحدثون عن فنّ الشعروطرقه...وهؤلاء انفسهم يمارسون فنّ القتل والقهر على الشعب العراقي المظلوم...لهؤلاء وغيرهم اقول العراق لايتشرف بمن لايملك شرفا وطنيا عراقيا ونصرة المظلومين هناك...الشعب العراقي لفضكم في الداخل والبقية من الشرفاء منه في الخارج ادركت مسعاكم وجبنكم وتخاذلكم...وعليكم ان لاتتحدثوا بأسم العراق وشعبه.. كون العراق وشرفائه لاينتمون اليكم .


(*) نشر في موقع صفحة "البرلمان الثقاقي" 2003
 
البحث Google Custom Search