أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
 
نعم للحوار
لا... للمصادرة

سليمان جوني
شاعر عراقي مقيم في عمان
1997

(1)

قبل أيام اثار البيان الذي اصدره ادباء هولندا حول الشاعر العراقي المغترب "عدنان الصائغ" ردود فعل متباينة وسط الادباء والمثقفين، ورغم كل ما جاء في حيثيات البيان ومدى صدقها واهميتها كوثائق تأريخية، الا ان كثيراً من المثقفين لم يكن راضياً حول الصيغة التي كُتبْ فيها، ليس لانها تصادرهم حسب وانما ايضاً لانها كانت تركن الى التشهير بأحد الادباء البارزين من الجيل الثمانيني والذي استطاع ان يحقق الشهرة على الصعيد العربي وربما العالمي ايضاً بفضل قدرته على التعامل معها "اقصد النجومية" ولكن مع ذلك لم يرد احد من الرافضين للبيان على ماء جاء فيه... وربما ترجع اسباب الصمت الى ان الرافضين هم من الذين اشتغلوا في المؤسسات الثقافية ضمن انقلاب عام 1968 م قبل خروجهم وافلاتهم من عنقّ الزجاجة التي كانوا بداخلها... وبذلك فأن الرد ربما سيكون وبالاً عليهم اكثر مما هو خيراً، فالغبار الذي تراكم وغطى ماضيهم الذي قبع في مستنقعات النسيان، ربما يثار عليهم وربما هم من الذين يؤمنون بقول الشاعر:
ولا تكشف عن مغطياء            فلربما كشفت جيفه
وهناك ايضاً من "يلعب على الحبلين" كما يقال فهم من جانب، يساندون "الصائغ" ويشتمون اعداءه ــ اذا ما افترضنا ان هنالك ثمة اعداء ــ ومن جانب اخر يساندون ادباء هولندا ويشتمون الصائغ وربما نصف عشيرته ايضاً، وطبعاً كل ذلك يتم بعيداً عن اعين الاعلان الرسمي لموقفهم، وبذلك فهم يزيدون الفجوة بين الصائغ وهولندا، ويكسبون ود الجميع..

(2)

ولكن...
ماذا اكتب عن هذا الموضوع الشائك؟
والأجابة تكمل هنا... ذلك لأنني من جيل جديد في العراق، جيل خارج المؤسسة الثقافية من جانب، ومن جانب آخر من جيل يرفض الخصومة ويحاول جاهداً لبناء قاعدة من الحوار ليس بين جيله فقط، وأنما مع كافة الأجيال. والجيل الجديد في العراق، جيل التسعينات والذي يحلو للشاعر "حكمت الحاج" أن يطلق عليه "الجيل الباسل" بينما يحلو للقاص المغترب "عبد الهادي سعدون" أن يسميه "جيل الخرابات".. أقول من جيل خرج الى الحياة الثقافية في العراق دون أن يجد أياً من الادباء هناك ذلك لانهم قد هاجروا ـ واقربهم الجيل الثمانيني ـ مبكراً. وبذلك فأنه لم يجد أياً من بقية الأجيال لبناء خصومة معه ـ حسب التقاليد الجيلية العراق ـ سوى جيله واذ ان الخصومة مع الجيل كانت ستؤدي لا محالة الى تشتت الجيل واختلاف في البناءات. وبذلك فأنه ركن الى الحوار ولعل تلك ابرز سمة في الجيل ولا يعني ذلك انه جيل مسالم بل على العكس انه جيل قوي وقوته تكمن في حواره الثقافي وحواره الاخلاقي ايضاً... ولعل اكثر ما كان ينقد جيلنا به بقية الاجيال هي تلك الطريقة التي كان يتحارب بها الادباء اخلاقياً تاركين الثقافة تغرق في برك الوقت والتخلف عن المواصلة مع الاخرين. بالاضافة الى ذلك فأني قد قدمت حديثاً الى عمان وبذلك فأني افترض نفسي غير عارف بالتقاليد الثقافية الجديدة التي يجب ان اتقلد بها ذلك لانني في جغرافية مغايرة وربما لو تقلدتها لما كتبت هذا المقال خشية "زعل" احد الطرفين ولكن ما الضير ولي ما يبررنني..

(3)

لقد كان البيان وشاية.
ذلك لأننا اذا ما اعتبرنا ان اصدار الصائغ مجاميعه الشعرية تحت ظل المؤسسة الثقافية في بغداد خيانة عظمى فأننا بالمقابل يجب ان نعتبر الاخرين الذين سبق وان عملوا في المؤسسة الثقافية وطبعت لهم مجاميعهم الشعرية تحت لواء الحكومة الدكتاتورية في بغداد ايضاً مرتكبي خيانة عظمى بدءً من الشاعر الكبير المرحوم محمد مهدي الجواهري "رئيس اتحاد وطبع المجموعة الكاملة" ، سعدي يوسف "مجموعتان شعريتان" ، عبد الوهاب البياتي "اغنيات على بوابات العالم السبع"، فاضل العزاوي "مخلوقات فاضل العزاوي الجميلة والاسفار"، مروراً ببقية الاجيال، وصولاً الى الجيل الاقرب "الجيل الثمانيني" وسام هاشم "سهول في قفص"، علي السوداني "المدفن المائي"، محمد تركي النصار "السائر من الايام" و "تنافسني على الصحراء" والذي يقال والعهدة على القائل بأنه سوف يكون الهدف القادم من قبل جماعة هولندا...
كل هولاء الادباء ليسوا خونة فهل خان الصائغ قضيته.

(4)

لقد كان البيان مصادرة.
ذلك لانه لم يعطِ للاخر روح الحوار وانما انخرط ضمناً في تعداد الخصوم وخلط الاوراق لتكون جميعها متشابه بحيث انه كان يدلنا على الطريق معتقداً بأن ثمة عمى قد اصابنا فجاءة ناسياً او متناسياً بأن الكل على دراية بكل ما يحدث وان "صاحب الدار ادرى بالذي فيه" وهو "البيان" اذ يشير الى الصائغ فأنه يشير الى اخرين ــ نقدرهم ونبجلهم ــ ايضاً وبذلك فهو يصادر ضمناً اغلب رموزنا الثقافية ويسيئ اليها

(5)

ولقد كان البيان ارهاباً.
ذلك لانه يضع ليس "الصائغ" نفسه، وانما الذين يريدون ان يتعاملوا معه. اقصد المؤسسات الثقافية في مأزقٍ كبيرٍ جداً اذا ما ارادوا ان ينشروا له نصاً او مجموعة شعرية او اقامة امسية بناءاً على الرأي الفقهي الذي يقول "النجس منجساً لغيره بالملامسة" وبذلك فأن البيان سيكون ارهاباً ذلك لأن التعامل سوف يشكل لهم خطراً كبيراً لانهم سيكونون هم المستهدفون في المرة القادمة بناءاً على تعاملهم مع الصائغ

(6)

ولقد كان البيان كلمة حق يراد بها باطل... وكفى..
 
البحث Google Custom Search