أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
 
بدلا من ديمقراطية الشتيمة
علينا أن نفرك الصدأ ونغسل القلوب

عبدالرزاق الربيعي
مسقط

"يا أيها الذين امنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن
تصيبوا قوما بجهالة  فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"
الحجرات -6

دائما أتساءل: لماذا - نحن العراقيين- رغم صفاتنا الحضارية والإنسانية  التي تميزنا عن الأقوام الأخرى, موصومون بأكثر من لعنة؟
فجدنا ادم قد طرد من الجنة أما  نحن العراقيين  فقد طردنا من وطننا أيضا,  إذن فالعقاب جاءنا  مضاعفا!!
وإذا كان جدنا ادم (ع ) قد اتعظ من عقاب واحد ,فهل اتعظنا من عقابين؟؟
بالتأكيد لا, والدليل على  كلامي ,هذه الروح الشرسة التي تجعلنا نأكل لحم بعضنا البعض بتلذذ!!
خصوصا إنها تأتي من أناس مثقفين – كما هو مفترض -!!
وفي هذا الإطار أتساءل أيضا : لماذا لم تغير الأحداث الجسام من تفكيرنا وعقليتنا؟
من المؤسف إننا لم  نأخذ من الحروب  الحكمة والعبرة !  لم نأخذ  من المنافي سوى التقوقع على الذات –باستثناء البعض الذين أسسوا مشاريع ثقافية  متميزة –  وعندما انفتح لنا أفق الشبكة العالمية – الانترنيت –  دلقنا سمومنا وجعلنا تلك النعمة  ساحة لأحقادنا وتصفية لحساباتنا العتيقة!!
أليس من المخزي لنا, كمثقفين, أن نترك المحتلين يسرحون ويمرحون في بلادنا وازلام النظام البائد يعيثون فسادا في ثرواتنا ,  ونكيل السباب والاتهامات لشاعر شق طريقه إلى العالمية بخطى واثقة
أقول هذا  وأنا أتابع السهام التي ترمى  بين حين وآخرعلى الشاعر المبدع عدنان الصائغ من ( مثقفين ) عراقيين  وآخرها ماتعرض له من اتهامات وشتائم من  على منبر احد المواقع الثقافية وهو ليس بالامر الجديد عليه وعلينا فقد  صارت - السهام - تأتيه من كل حدب وصوب  لتتكسر على السهام المزروعة في ظهره العاري إلا من نصوصه المبدعة التي أصبحت شوكة في أعين الفاشلين الذين حاربوه وطعنوه في وطنيته ونزاهته , دون نصير- من صديق او عم او خال!! - إلا من  بعض المثقفين الشرفاء  
وأعجب منه , أن  هذا السجال يصدر عن مثقفين يداس تراب وطنهم يوميا بأقدام المحتلين؟؟
اهذا كل  الذي قدر أن يفعله المثقف العراقي  في هذا الظرف الراهن الحرج الذي يمر به وطننا ؟ واعني  أن يقوم  بتجريح شاعر مبدع لو أراد أن يسير في ركب النظام المقبور لامتلك الشقق الفاخرة والسيارات والمناصب الرفيعة التي أغدقها النظام على أناس لا يملكون أعشار اعشار موهبته, لكنه أبى أن يكون مثلهم, بل كان على النقيض من ذ لك , فقد قارعهم في عقر مؤسساتهم وهاجمهم في كتب صدرت عنهم متسلحا بذكاء وجرأة  وقدرة عالية على مراوغتهم, كما قال احد قادة الحركة الشيوعية "الشيوعي الجيد هو الذي يراوغ الشرطة"
فلماذا يُسب الصائغ علنا وهو الذي يحنو على النملة التي تدب على وجه الأرض؟
أيوجد تفسير آخر سوى الحسد والغيرة والحقد؟
ذات يوم سلمت مقالا  عن ديوان جديد صدر للصائغ لمحرر ثقافي في جريدة عربية كبيرة, وما أن قرأ العنوان حتى قال لي : أنت تعرف إنني اعتز بك كثيرا وبكل ما تكتبه لكنني  اعتذر عن نشر هذا المقال
قلت له : لكنك لم تقراه؟
أجاب: بصراحة, نحن لا نسمح بظاهرة جديدة مثل ظاهرة عبد الوهاب البياتي وعبد الرحمن مجيد الربيعي!!
حينها رسمت على وجهي ابتسامة ذات معنى,  وطويت أوراق مقالي, فلم استغرب أن يصدر هذا الموقف من مثقف عربي استكثر أن يبرز أديب عراقي يشكل ظاهرة شعرية  شغلت الأوساط الثقافية ,لكنني استغرب أن يصدر  مثل هذا الحكم من مثقفين عراقيين, وبعضهم من شعراء جيلنا الثمانيني ,الذي خدمه كثيرا, وكان له الفضل في التعريف بالعديد من شعرائه في حواراته ولقاءا ته وحله وترحاله
وغاية القول أريد أن أضع أمام المبدع العراقي حقيقة واضحة للعيان, وهي: إننا لسنا قضاة  نشنق هذا ونصلب ذاك أو نعتقل الآخر أو نحاكمه بل ينبغي لنا أن نكون كالفلاح الذي يهيئ التربة لتكون صالحة لان يترعرع فيها الخير ويتبرعم, وقد حانت لنا الآن هذه الفرصة حقا, فقد ولى إلى الأبد كابوس القيود وبدلا من أن نتبع خطى ديمقراطية الشتيمة والحقد واكل لحوم بعضنا هو أن نفرك الصدأ ونغسل القلوب ونهيئ طريق الإبداع, وبدلا من كيل هذه التهم جزافا للرجل, فهاتوا برهانكم ودليلكم إن كنتم مصرين على هذا واقطفوا منه  الجائزة التي خصصها لمن يعثر على عبارة صدرت منه في مدح النظام البائد, ولكم  مني جائزة أخرى.


صحيفة "الزمان" – لندن. حزيران 2003 وموقع "ألف ياء" و"كتابات" على الأنترنيت.
 
البحث Google Custom Search