أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
 
أحد النقاد السويديون كتب عنا: "الفن السويدي والأدب العربي يجتمعان ليصبحا شيئا واحدا"

الفنانة السويدية ليزا هلومكفست فري

بعد أن حلقت مع طائر النورس وحلمت ليلة صيف بدخول الأبواب السرية:
أجاممنون قصيدتي المفضلة

أجرى الحوار: د. حسن السوداني
السويد

في تجربة أدبية جديدة بدأت تنتشر في بعض مناطق السويد مؤخرا وتلاقي صدا طيبا لدى الجمهور السويدي والعربي على حد سواء تتمثل في تقديم قصائد عربية تترجم إلى اللغة السويدية وتؤدى مسرحيا بمصاحبة الضوء والتشكيل , ولأن التجربة قدمت اكثر من عشرة مرات حتى الآن في أماكن ومدن مختلفة وتنتظرها مواعيد جديدة أخرى فأن الأمر يستدعي وقفة وتساؤل لماذا هذا الاهتمام الكبير بهذه التجربة وما هي آفاقها المستقبلية ؟
وكنت قبل ذلك قد حضرت أمسيتين: الأولى في مدينة مالمو على مسرح( بوابة أوربا) وبحضور عدد كبير من مديري الثقافة في المدن السويدية والثانية في مدينة لوند الجامعية وعلى مسرح( بيت الحكاية) وقد لاحظت تفاعل الجمهور مع موسيقى نصير شمه قبل بداية العمل ومن ثم دهشتهم أمام اللوحة التشكيلية للفنان التشكيل العراقي جعفر طاعون والتي استخدمت كخلفية للمشهد وأمامها سلم مزدوج وبرميل نفط شُكل بالألوان كجزء من السينوغرافيا يستخدمه الشاعر كمنصة لإلقاء قصائده, بقي أن نعرف أن الشاعر هو عدنان الصائغ تشاركه الممثلة السويدية ليزا هلومكفست فري وتحت أشراف مسرح x . وقد ترجم القصائد ستافان ويسلاندر وبوديل جريك. وللوقوف عند هذه التجربة المثيرة التقينا الفنانة ليزا واالسيدة أوسا المديرة الفنية للمشروع التي سألتها عن كيفية بدء التجربة، فأجابت:
نحن نعمل في مسرح x  وهو مكان جميل يمثل بيتا للأفكار الإبداعية في شتى مجالات المعرفة والثقافة والفن وبمختلف اتجاهاتهم وصادف أن يكون الفنان العراقي التشكيلي جعفر طاعون الذي يعمل معنا في هذا المشروع الثقافي أن اقترح إستضافة الشاعر عدنان الصائغ في أمسية مع قراءة للقصائد باللغة السويدية تقوم بها الفنانة ليزا, ولأنها تحب المغامرة والخوض  في كل جديد وافقت على الفكرة وبدأنا سوية في التهيئة لها , وكان لتعاون الجميع الدور الكبير في أن تظهر هذه التجربة المثيرة إلى النور.

  • وبعد ذلك؟

  • قام الفنان جعفر طاعون برسم جدارية نستخدمها كخلفية للعمل مع توظيف  الإضاءة والسلم والبرميل وموسيقى الفنان المبدع نصير شمه كسينوغرافيا تهيئ المشاهد لإستقبال أماسينا , وقد لاحظنا تفاعلا جميلا من الجمهور مع هذا الجو العام للعمل, وقمنا بتقديم أول أمسية داخل مسرح  x  ولاقت استحسان الجمهور ومن هنا بدأنا المشوار .

  • وهنا سألت الفنانة ليزا: ماذا تشكل لك التجربة المشتركة مع شاعر يقرأ بلغة أخرى ؟

  • في البداية واجهتني الكثير من الصعوبات ومنها مثلا, إيقاع اللغة العربية, فلم أكن معتادة عليه سمعيا وقد صادفتني الكثير من المفارقات فكلما قرأ الشاعر ,أشعر انه يلقي بطريقة إلقائية لا أستطيع التزامن معها، وبعدها أخذت أتآلف مع إيقاع الشعر العربي وعندما نريد أن نتفاهم على موضوع ما ولا تسعفنا لغتانا المختلفتان نلجأ إلى لغة البانتوميم وعندها نتوصل إلى حل مناسب ومن هنا فأني اعتقد أن المسرح يحمل رسالته التاريخية في التفاهم بين الشعوب فعندما تعجز اللغة عن التعبير يتمكن المسرح وبالتالي فأن تجربتي مع الشاعر عدنان الصائغ ليست تجربة ممثل مع شاعر بل ثقافة مع ثقافة أخرى ونوع من الحوار الحضاري بين ثقافات مختلفة ولغات وعادات وطقوس متباينة وبما أننا نعيش جميعا على كوكب واحد فـأن ما يحدث ويجري عليه هو مسؤولية كل البشر الساكنين عليه. تصور أن الكثير من المشاهدين السويديين بدأوا يتذوقون جمال اللغة العربية وأعتقد أن هذا الشعور هو نفسه لدى المشاهدين العرب.

  • بعض القصائد تحمل سمة الاعتراض على الدكتاتورية, هل تناسبك هذه الأجواء كونها تحمل جذرا دراميا وأنت تعيشين في بلد الحريات؟

  • لا أخفيك أني أجد صعوبة بالغة في العيش أو التمثل لنفس الأجواء التي عاشها الشاعر ولكني أعتمد على ما تدربت عليه من قوانين المسرح ومن بينها طبعا استخدامي ( لو) أستانسلافسكي السحرية التي تجعلك تعيش الدور ذاته أو تقربك منه على اقل التقديرات,أي أن هذه الـ (لو) منحتني التخيل الكافي لأن  أجسد الأجواء الكابوسية التي خرج منها الشاعر  فأقول لو أنني كنت هناك، لو أنني عشتُ أجواء الحرب، لو..لو..الخ . فضلاً عن ذلك أن القصائد تحمل النفس الحكائي الذي يدفعك لتخيل الصور بطريقة ليست صعبة كما هو الحال مع بعض الكتابات الشعرية التي تحتاج للكثير من الخرائط والتوضيحات للوصول أليها!!

  • وما هي أقرب القصائد إلى نفسك أولا وإلى الجمهور السويدي ثانيا؟

  • قصيدة "أجاممنون" التي يقول فيها الصائغ"عائداً .../ من غبارِ الحربِ/ بقلبٍ مجرّحٍ/ وذراعين من طبولٍ وذهب/ حالماً بشفتي كليتمنسترا ، العسليتين / اللتين كانتا في تلك اللحظة / تذوبان على شفتي عشيقها ايجستوس /  ليلةً ، ليلة / عندما فتحَ البابَ / رأى في دبقِ شفتيها / آلافَ الجثثِ التي تركها في العراء / فتذكّرَ / أنه نسي أنْ يتركَ جثتَهُ هناك ".
    هذه القصيدة أحببتها كثيرا وكذلك قصيدة العبور إلى المنفى التي كنت أدور مع ايقاعها على خشبة المسرح. وأتمنى أن أجسد أجواءها الدرامية بشكل كامل في مشروع مسرحي لثراء صورها الدرامية, أما بالنسبة للجمهور فهو غالبا ما يتفاعل مع القصائد القصيرة مثل القصيدة التي تقول:
    "الشعراء الأقصر قامة
    غالبا ما يضعون لقصائدهم
    كعوبا عالية"

  • وما هي انطباعات الجمهور السويدي والعربي عن أماسيكم وما هو أهم رأي وصلك حتى الآن؟

  • الجمهور السويدي بدأ يتفاعل معها ويطلبها باستمرار بدليل أننا قدمناها عشر مرات حتى الآن وأجمل رأي وصلني هو دموع صديقتي التي أنهمرت بعد مشاهدتها لأحدى العروض التي قدمناها مؤخرا, كما كتب عنا أحد النقاد السويديون في احدى الصحف الصادرة هنا، قائلا (الفن السويدي والأدب العربي يجتمعان ليصبحا شيئا واحدا). كما أن بعض الجمهور صرّح لي بأن اللغة العربية بدت أجمل الآن بعد تقديمنا المشترك, وكذلك بعض المشاهدين العرب قالوا الشيء نفسه, ويبدو أننا نجحنا في خلق نوع من التقارب الحضاري بين الجمهورين العربي والسويدي بالاضافة الى الجاليات الأخرى, ولذلك توسعت دائرة العرض لتشمل باقي المدن السويدية فقد قدمنا بالإضافة إلى مدينة مالمو أمسية في مدينة لوند الجامعية وعلى المسرح الرئيسي في مدينة هلسنبوري وسنقدمها قريبا في مدينة فسترفيك وأتوقع أن نقدمها في مدن أخرى.

  • كيف تتعاملين مع اللوحة التشكيلية التي استخدمت كخلفية للعمل أي علاقة الثابت بالمتحرك؟

  • الجدارية التي رسمها الفنان جعفر طاعون ليست غريبة عني فأنا أحب أعماله كثيرا وقد اقتنيت أربع لوحات منها وأما علاقة الثابت( التشكيلي) بالمتحرك(المسرح) فأني أتعامل مع اللوحة ككائن متحرك من خلال عناصرها الفنية فالخط والنقطة والفراغ والكتلة والملمس  كلها كائنات متحركة تدعوك للتعامل معها أدائيا وبحذر شديد وقد تعلمت أثناء دراستي للمسرح في فرنسا أن أتعامل مع اللون والضوء والمساحة بطريقة تكاملية وبالتالي فأن الأسلوب التجريدي للفنان جعفر طاعون والألوان الكرافيكية الحادة التي يستخدمها تعطي المجال للتعامل معها بطريقة ادائية مناسبة .

  • ما هو تعليقك على تقديم عملين مسرحيين عن ألف ليلة وليلة في آن واحد على مسارح السويد؟

  • ربما مصادفة ولكني لا أنكر أن أجواء ألف ليلة وليلة هي الأكثر انتشارا من بين الأعمال العربية ففيها تتنفس سحر الشرق وجماله, ولكني لا أنكر أن هناك الكثير من الأعمال المسرحية والأدبية العربية لم نطلع عليها ولا أدري على من ألقي باللائمة! على الأعلام العربي أم السويدي أم المترجمين أم دور النشر أم نحن الذين نتبنى المشروع المسرحي , فتقديم عملين في آن واحد لموضوع واحد هو( ألف ليلة وليلة) هذا يعني وجود اهتمام عالي من قبل الجمهور المتلقي أولا وأصحاب المشروع الثقافي ثانيا, وبالتالي فأن الأدب العربي والثقافة العربية مطلوبة أيضا.

  • كيف تقدمين نفسك للجمهور العربي؟

  • أنا من مواليد 1965, درست التمثيل في جامعة لوند( قسم التمثيل المسرحي والسينمائي, ثم واصلت الدراسة في مدرسة (كاله فريكرة) للتمثيل المسرحي, ودخلت كورس خاص مع الموسيقي روت أوسلوف,وأكملت دراستي في المعهد الوطني للتمثيل المسرحي في باريس, واشتركت بأعمال مسرحية كثيرة من بينها (طائر النورس) لتيشخوف, و(حلم ليلة صيف) لشكسبير, و( أمام الأبواب السرية) لسارتر,( وأنثى الأيل) لبوران وستروم, و(مملكة السماء على الأرض) لينسه وليمز, و(الغراب الأسود كالحبر) لماريا سوتدكفست, كما مثلت للسينما فلم ( العين) وهو من إخراج ريتشارد هو بارت,

  • وجهت سؤالي الأخير لمديرة المشروع الفنانة أوسا: هل لديكم أفكار جديدة حول هذه التجربة؟

  • نعم لدينا الكثير من الأفكار الجديدة بخصوص هذا العمل ومن بينها محاولة إشراك تقنيات جديدة مثل السينما ,أو السلايدات أو العزف الحي , فضلا عن سعينا لتقديمها إلى الجمهور السويدي في مختلف المدن السويدية, وأود أن أشير هنا إلى الصور الشعرية في قصائد المبدع عدنان الصائغ من جانب، وتعاونه معنا من جانب آخر الدور الكبير في نجاح هذه التجربة، وسعيه المتواصل في نشر الثقافة العربية بين جمهورنا المتعطش للإطلاع على الثقافات الأخرى وتذوقها وأنا سعيدة بالجمهور العربي الذي يتابع فعالياتنا بصورة مستمرة.


    (*) نشرت في صحيفة "عرب 2000" - كندا
     
    البحث Google Custom Search