أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
 
حوار مع الشاعر عدنان الصائغ

أجرى الحوار: خالد مطلق
- الامارات -

  • معنى أن يحصل الشاعر على جائزة؟

  • - لا تشكل الجوائز أو أزاهير الاحتفاء  بالنسبة لي إلا محطة استراحة جميلة في ماراثون العناء البشري وعنائي الخاص الذي وجدتني فيه منذ الطفولة.
    وفي خضم الخصومات الشعرية والطعنات وحروب داحس والغبراء التي تفتحت عيوني الشعرية عليها، يكون للوردة أو التكريم الذي يقدمه لك الآخر معنى بهياً ومشجعاً.
    في وطني حصدتُ قصيدة "خرجت من الحرب سهواً" جائزة الشعر الأولى، في غفلة من عيونهم، لكنها سرعان ما تفتحتْ أو تنبهت فخرجتُ إلى المنفى أحمل مسودات مشروعي الشعري ومخاوفي وأحلامي.
    وفي الغربة، نالت قصيدتي الطويلة "نشيد أوروك" جائزة مهرجان الشعر العالمي في روتردام. وخُط أسمي  على جدارية روتردام التي ضمت أسماء الشعراء الفائزين بالجائزة من كل العالم.
    وتعرف أن هذا الفوز أثار ما أثار من غبار وحساسية بعض الشعراء، وهذا ليس غريباً أو جديداً.
    قبل أكثر من 15 عاماً حصدت سلسلة من الجوائز في مسابقات الشعر والنثر والصحافة حتى وصفني الشاعر عبد الرزاق الربيعي في صحيفة الجمهورية بـ "حاصد الجوائز" وقد أثار وقتها ما أثار..
    ربما وجدت في هذا، تعويضاً عن الخيبات والاحباطات التي فرشت حياتي، وربما كان في هذا تحد لكل سواتر الموت وخفافيش الليل التي كانت تحوطنا من كل جانب.
    وفي رأيي، تبقى الجائزة الأولى والكبيرة التي يحلم بها أي شاعر هي محبة القراء والأصدقاء وقد لمسته في العديد من المهرجانات والكتب التي أصدرتها، فهي المحك وهي المخيال الذي يداعب نسيمه السحري أي مبدع.

  • هل تسعى إلى الجوائز!؟..

  • - لا.. وأنما ثمة هاجس للتحدي، يضعني وجهاً لوجه أمامها. وهذا التحدي النبيل والجميل هو الذي يفتق في روحي كل هذا.
    أذكر لك على سبيل المثال كنت بحاجة للحصول على هوية نقابة الصحفيين، ورغم أنني كنت أكتب في الصحافة منذ زمن، لكنني لم أكن أمتلك أي شهادة تؤهلني للحصول عليها.
    في عام 1988 أعلنت نقابة الصحفيين عن مسابقة الصحافة. تقدمت بحوار أجريته مع الشاعر رشدي العامل، تحت عنوان " قصيدة تمشي على عكازين"، فحصد المرتبة الأولى.
    وفي الميدان الشعري، بعد أحداث عام 1991 عشت فترة ذهول وصمت وانقطاع، فسرت بأمور شتى وكادت أن تسبب لي خطراً، فنصحني الأصدقاء – درءاً للظنون والعيون – بالمشاركة في مسابقة الشعر الكبرى التي أقامتها دار الشؤون الثقافية العامة، فتقدمت بقصيدة طويلة عنوانها " خرجت من الحرب سهواً".. فنالت الجائزة الأولى، وانتشرت بشكل عجيب بين الناس والأصدقاء..

  • ما معنى أن يحصد الشاعر جائزة!

  • - أعرف جيداً أنها في المنظور الإبداعي، لا معنى ثابت لها، فكم من مبدعين نالوا جوائز كبيرة ثم انطووا وغابوا في تلافيف النسيان.. وكم من مبدعين أهملوا في زمانهم لكنهم ملأوا الدنيا توهجاً وسطوعاً
    وخذ رواية عوليسيس لجيمس جويس التي عدها النقاد وقتها بأنها "أدب مراحيض" ثم هاهي تحتل اليوم منزلة أهم روايات القرن العشرين. وقائمة الأمثلة تطول.
    لكنها في جانب آخر، تجعلك في الواجهة أو المواجهة وفي هذا اختبار حقيقي على قدرة المبدع على المواصلة والعطاء. فالابداع الحقيقي كما أتصوره هو الذي يصمد أمام القراءات المتعددة وذائقات الزمن المتغيرة. فالواجهة قد تقتلك أو تزيدك سطوعاً حالها حال أي واجهة في شارع الحياة. والمواجهة هي التي تختبر قدراتك الذاتية والابداعية على التحدي والمواصلة والحفر في جبل الابداع الشاهق والصمود أمام مغريات الحياة الاستهلاكية
    وعلى هذا يمكن أن تشتق من الجائزة معان أخرى تضعها وفق قدراتك وطموحاتك وما تريد أن تقول أو توصله للقارئ..

  • الشعر والغربة؟

  • - ينشأ الشاعر غريباً في بيته ووطنه والعالم، ومن أجل ذلك يحاول أن يمد كلماته جسراً يوصله ويربطه بالعالم والناس. كثيراً ما تنقطع هذه الجسور لأسباب عديدة فيزداد الشاعر غربةً وتفرداً وانفراداً.. وهكذا عاش الكثير من الشعراء على مدى عصور تاريخ الأدبِ، غرباء، منفيين. فمنذ أول شاعر سومري حتى آخر شاعر تسعيني نجد مفردات الغربة تفترش قصائدهم سواء كانوا داخل أوطانهم أو خارجها.
    في المنفى، تصبح المواجهة مع الغربة، أكثر شراسة ووجعاً. والشاعر يطل من نافذته البعيدة على السهوب المغطاة بالوحشة والثلج، فيراها تمتد أمامه سطوراً من الغياب المرّ فيبدأ بتدوينها جملة جملة كي لا تفلت منه هي الأخرى.
    كم من الشعراء ابتلعهم هذا الغياب الشاسع. وهذا هاجس يظل يلازمك منذ أن حملت حقائبك وغادرت بيتك الأول..
    في النص تستطيع أن تجد ثمة مأوى أو تآلفاً أو تعويضاً عن بيتك الذي تشردت عنه، وتستطيع أن تتطلع عبر نوافذه إلى العالم..
    هكذا يكون بيت الشاعر في الغربة.

  • عن الشعر العربي واتجاهاته في مدن غربة ؟

  • - لا يختلف الشعر العربي في مدن الغربة عن مجرى الشعر العربي من منبعه إلى مصبه، وأن وجدت ثمة تمايزاً.
    أنه رافد آخر من روافد هذا النهر العظيم الذي ما زال متدفقاً منذ آلاف السنين، حفظ لنا وجدان الأمة وعقلها ونبضها ويومياتها العلنية والسرية.
    هذا الرافد وأن بدا مغايراً في بعض اتجاهاته، إلا أنه في جوهره وايقاعاته الداخلية لا يختلف عن المجرى الأصلي.
    ثمة تأثر  وتأثير، وثمة تلاقح، تلمسنا ذلك في الموشحات الأندلسية التي عبرت بالغنائية العربية من صحراء العرب الى مروج أسبانيا، ورأيناه في شعراء المهجر: جبران خليل جبران والياس أبي شبكة، في أصقاع القارة الامريكية.
    وها نحن اليوم نتلمسها في منافينا الجديدة في كل بقاع الكرة الأرضية، بلا استثناء، شتلات شعرية عربية، هنا وهناك. بعضها لم يقاوم الصقيع والوحشة فمات وبعضها ظل يصارع ويقاوم المناخات الغريبة، منتجاً ثماراً جديدة وأزهاراً غرائبية، تلاقحت وتأثرت وتفتحت، وفي هذا يتجلى قانون الحياة وقانون الإبداع.

  • كيف ينظر الغربيون إلى شرقنا الشعري؟

  • - نعم، شرقنا مرتع خصب للغربيين، فهم يرون عاج بالشعري والسحري والغرائبي، لكن هل شرقنا هو كل هذا؟ ويرونه ضاج بالحروب والفواجع، فهل شرقنا هو كل هذا؟
    هنالك جوانب كثيرة من الإبداع الشعري والفكري لم يطلع عليه الغربيون، بسبب الترجمات وتكاسل الجاليات و التقاطعات وأمور أخرى. فما وصلهم منا قليل جداً بل وأقل من هذا. فحين تدخل إلى مكتبة ستوكهولم أو لندن أو كوبنهاكن أو برلين ستجد الجناح العربي فقيراً وضئيلاً،  قياساً إلى أجنحة الآداب الأخرى.
    فوز نجيب محفوظ فتح نافذة جميلة للعالم على أدبنا، لكنها ظلت على حالها إذ لم تتسع للمزيد من التواصل والترجمات..
    عملية الترجمة من وإلى، تحتاج الى مؤسسات ومتخصصين، إي لا تكون وفقاً للمزاج أو الصدفة أو المصالح.
    أنا على يقين أن مشروع الترجمة ( من وإلى العربية)  لو تواصل بشكل جدي وفعال فأنه سيفتح الباب واسعاً أمام نهضة فكرية رائعة لنا وتعريفية بنا، أكثر بكثير مما تقوم به خطاباتنا السياسية والإعلامية المشروخة.
    في بغداد المأمون، أقيم ديوان الترجمة وصل بنا وأوصلنا إلى أصقاع بعيدة.
    فلماذا لم يقم اليوم في بلداننا العربية مثل هذا الديوان وقد تطورت وسائل الاتصال بشكل مذهل في زمن الانترنيت، سؤال أتركه أمام كل المعنيين بالثقافة. فكثيراً ما لا يعرف الغرب عن تاريخنا الإبداعي سوى ألف ليلة وليلة وبعض النصوص المتفرقة.

     
    البحث Google Custom Search