أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
 
الشاعر عدنان الصائغ عبر الأنترنيت

حاوره: بهاء الدين رمضان

  • الشاعر عدنان الصائغ اسمح لي في البداية أن يكون سؤالي عن رؤيتكم في علاقة الشعر بالسلطة.. وأنت خارج الوطن ربما ترى هذه العلاقة بعين أخرى، وما مفهوم السلطة لديكم؟

  • الشاعر على مدار العصور هو على غير وفاق مع السلطة، أية سلطة كانت. ذلك أنه ضد كل خطاب أو قيد أو خانة أو شكل.
    أنه يسعى دائماً نحو الانعتاق والحرية، وما السلطة إلا تكبيل لهذا الانعتاق وحشره في خانة وزجه تحت يافطة خطابها بأشكال شتى..
    والتمرد واحد من أهم خصائص الشعر وجمالياته ومعانيه. أنه يضيق بكل سياج للسلطة، حتى ولو كان بلورياً أو ذهبياً. فكيف وأسيجة سلطاتنا محفوفة بالأسلاك والدم ومدججة بالحرس والرصاص.
    فالسلطات وخاصة السلطة الشمولية لا تمشي وفق أهواء الشاعر أو تخضع لرغباته أو تماشي نزقه. وهي لا تنتظر موافقته على مشروعها بل لا تنتظر موافقة أحد. أنها تجبر الجميع على الامتثال لها والتصفيق في موكبها. ولأنها في أعراسها وأزماتها الدائمة تجد نفسها في أمس الحاجة إلى صوته التي أدركت أنه صوت جذاب يمكنه أن يحقق لها الكثير، بل أكثر مما تحققه وسائلها الإعلامية. لذا عمدت معه إلى سياستين مرعبتين وتاريخيتين، هما:
    الترغيب
    والترهيب.
    حيث راحت تغدق على من يسير في ركابها من الشعراء المستسلمين من أموال ومناصب ودعم. وبالمقابل تشدد الخناق وتحاصر ذلك الشاعر المتمرد بكل وسائلها: تطارده أو تسجنه أو تقتله أو تنفيه.
    وهكذا وجدنا المشهد يا سيدي منذ عصر الأبجدية الأولى حتى عصر الانترنيت، صعوداً أو هبوطاً، اتساعاً أو ضيقاً، تبعاً لمنسوب السلطة وأدواتها وتبعاً لقدرات الشاعر على التحدي أو الخنوع. وهذا الأمر يزداد شراسة كلما اقتربنا من سياج دول القمع التي لا تسمح للمبدع بأي فسحة اختلاف، فيعيش الكاتب أو المفكر أو الفنان بكل مكابداته طوال حياته أو يموت كمداً أو يصفى أو يفر بجلده وأوراقه إلى المنفى وذلك أضعف الإيمان.
    في منفاي السويدي الذي وصلته قبل 5 أعوام بعد رحلة طويلة أجد الواقع الثقافي هنا، مختلفاً تماماً عما يحدث في بلادنا. فهنا لا رقابة عليك سوى رقابة قلمك وضميرك ووعيك فقط. وهذا شيء لم نعتده من قبل. البعض تعامل معه بارتياح وتفهم والبعض انكمش وتقعور والبعض فهمه معكوساً فراح يسيء ويتخبط. وباعتقادي أن في هذا الأمر امتحان  جميل لادعاءات الكاتب والسياسي والمفكر ومفهومه للحرية وكيفية التعامل معها وتمثلها بالفعل والتصرف وليس بالكلام فقط.
    في الحرية تتجلى بالفعل أعظم قيمة للإنسان في عصرنا الحاضر، فما معنى الوجود بلا حرية وما معنى الكتابة بلا حرية.

  • كنتُ أرى العراق في مطلع الثمانينيات هو الثقافة والشعر والبندقية كيف ترى وأنت "تتأبط منفاك" العراق الآن وفي الماضي؟

  • العراق بلد الحضارات الأولى وعلى أرضه الخصبة نشأت أعظم الحضارات الإنسانية واكتشف الإنسان الأول قيمة الكتابة والعجلة والموسيقى والقانون وأشياء كثيرة دفعت العالم خطوات وخطوات إلى الأمام.
    الآن يا صديقي بهاء الدين لم يعد لنا من ذلك الماضي سوى التحسر على الأطلال بعد أن اقتادوا البلد بكامله وساروا به إلى أبشع هاوية لم تخطر ببال شعب على الإطلاق. إن أرضاً تطفو على النفط والخيرات لا يجد أبناؤها سوى الجوع والفقر المدقع. وإن شعباً اكتشف الأبجدية والورق لا يجد أدباؤه ورقاً وطاولة حرة للكتابة.

  • هل العمل بالصحافة يؤثر سلبا على المبدع ؟

  • إنني مضطر للعمل والكتابة في الصحافة لكي لا أموت جوعاً في هذا العصر كما في كل العصور التي لم تشبع القصيدة الخالصة شاعراً. لكنني لم أنزلق إلى اغراءات الصحافة. وهذا ما انتبهت إليه منذ  البدء فجنبني الكثير من المنزلقات التي كثيراً ما أخذت بعضاً من أصدقائي الشعراء الرائعين، فحين يجد المبدع نفسه منشغلاً عن مشروعه الشعري بتقليب رفوف الوكالات لكتابة خبر أو مقاله اليومي، سيجره ذلك إلى خارج المتن الشعري، ثم تأخذه الوظيفة الصحفية إلى أبعد من ذلك، حين تلقيه في ماكنتها لتطحن أحاسيسه وآراءه وتلقيها على سطور الصحيفة، نثراً مضافاً إلى نثر الحياة..
    وليس هذا انتقاصاً من مهنة الصحافة والتي عملت فيها أكثر من 15 عاماً ولكنها توصيف لحالة الشاعر حين يرتدي جلباب الصحافة من أجل أن يعيش في هذا الزمن الذي لا تطعم فيه القصيدة شاعرها كما أسلفت إلا إذا وجهها لسياسي أو لحزب أو لتاجر أو لرجل دين أو لمقاول شعري وتجد أمامك الكثير من هذه المشاهد أينما التفت...
    وتبقى الصحافة تعنى بالنثر، نثر الحياة.
    ويبقى الشاعر يعنى بالشعر، شعر الحياة والدهشة..
    وبينهما هذا البون الذي قد يؤثر سلباً أو إيجاباً، تبعاً لمكونات الشاعر وقدرته الذاتية والمعرفية وطموحه، وتبعاً لماكنة الصحافة ومتطلباتها التي لا ترحم.

  • "مرايا لشعرها الطويل" نصوص نثرية صدرت لكم في عام 1992 م ما رأيكم في قصيدة النثر في الوقت الراهن وهل استطاعت أن تحقق تواجدها على المستوى العربي ؟

  • قصيدة النثر الحقيقية هي قصيدة هذا العصر المتفجر، المتغير، المتجدد، الملتبس. أي هي قصيدة اليوم بعد أن كسرت كل القيود والحواجز، لكن هذا ليس معناه نفي الأشكال الأخرى وإقصائها كما يسعى أو يدعي المدعون..
    غير أن توصيفاتها وقوانينها الخفية التي لم يتفهمها الكثيرون، قاد كل من هب ودب على دروب الكتابة إلى امتطائها، لسهولة ركوبها ولزهد تكاليفها، لكن هذا المهرة الأصلية التي تعرف الفارس الحقيقي من المدعي كثيراً ما تركل راكبها الضعيف وتلقي به أرضاً لتنطلق في براري اللغة تصهل ملء الهواء بلا لجام ولا سرج.
    نعم، ورغم هذه الأطنان من قصائد الهراء التي تضج بها الصحافة والدواوين والمنابر إلا أن ما تركته قصيدة النثر من بصمات واضحة في واقع الحركة الشعرية الجديدة من خلال نصوص مبدعيها، يجعلنا نوقن إنها حققت حضوراً باهراً بكل معنى الكلمة وستحقق الكثير..

  • ما رأيكم في حال الشعر العربي وإلى أي اتجاه يسير؟

  • حال الشعر العربي اليوم كحال الأمة العربية، فيه الكثير من الانكسارات والهزائم والاحباطات، لكن فيه العديد من الاشراقات الباهرة والتجديد والتحديات التي تؤكد على وجوده أو وجودها. وتشير إلى الوهج الكامن خلف الدخان والتنظيرات..
    الشعر العربي هذا البحر الهادر والزاخر منذ مئات ومئات السنين ما زال متدفقاً وصاخباً وهادئاً ومنسرحاً تبعاً لتقلبات الريح والسياسات والمد والجزر. هناك الكثير من أمواجه العالمية خفتت وهذا أمر طبيعي، وهناك أمواج تنمو من قيعان اليأس والتمرد لتعلو.. أجيال تعلو فوق أجيال وشعراء يعلون فوق شعراء. ويبقى الحكم الحقيقي هو: من سيصمد أمام القراءات المتعددة والذائقة والزمن. فإذا كان أبن رشيق القيرواني قد ذكر في كتابه "العمدة" "أن أبا تمام والبحتري قد أخملا في زمانهما خمسمئة شاعر وكلهم مجيد" فما بالك اليوم وأمواج الشعراء تتدفق موجة تعلو موجة.. ودع ذلك لا تخشَ منه ابدأ، فالزبد سيذهب جفاءً وما يبقى هو الشاعر الحقيقي..
    وتبعاً لهذا فقد كثرت الاتجاهات والمسالك، ولا بأس أيضاً مادام هذا الصراع سيتمخض عنه نص مدهش وشاعر مميز..
    الشعر العربي بخير، رغم كل ما يشاع عن موت الشعر أو انحسار عصره أمام الفنون الأخرى..

  • هل استطاع النقد أن يحتوي التجربة الإبداعية للشاعر عدنان الصائغ ؟

  • لقد كتبت عن تجربتي طيلة أكثر من عشرين عاماً العديد من الدراسات والمقالات من نقاد وشعراء مهمين مثل: البياتي، سعدي يوسف، جبرا ابراهيم جبرا، عبد العزيز المقالح، حسب الشيخ جعفر، د. صلاح نيازي، شيركو بيكه س، رشدي العامل، سعدية مفرح, فاضل ثامر، ياسين النصير، حاتم الصكر، عبد الجبار داوود البصري،  صباح الخراط زوين، د. خليل الشيخ، وغيرهم الكثير، وكان آخرها العدد الخاص الذي أصدرته مجلة "ضفاف" الثقافية العربية التي تصدر في النمسا والذي ضم 40 كاتباً تناولوا تجربتي الشعرية.
    هذه الشهادات الإبداعية التي أعتز بها شجعتني وزادتني مسؤولية وتحفزاً ومواصلة وكفاحاً وبحثاً عن الجديد والمغاير.

  • "اشتراطات النص الجديد" هل يعد هذا الكتاب تنظيرا ذاتيا لتجربتكم الشعرية؟

  • هذا الكتاب الذي أكملته قريباً بعد مراجعات كثيرة، لكنه لم يصدر بعد. وهو يضم تصوراتي عن الشعر وتحديداً النص الجديد الذي كثر عنه القول وقد استعنت بالكثير من آراء النقاد والشعراء، قديماً وحديثاً، شرقاً وغرباً.  
    هناك كتاب آخر أسعى إلى إنجازه، أتحدث فيه عن تجربتي الخاصة في الشعر والشخصيات الشعرية التي التقيتها  والمهرجانات التي حضرتها والكتب التي قرأتها وغيرها من الأمور لكنني لم أكمله حتى الآن.

  • كان الشاعر العربي يقف أمام المخترعات الحديثة من الخارج في اندهاش وحيرة بينما نجد الآن التفاعل الممزوج بالإلتحام والمغامرة .. في عالم الانترنيت، كيف ترون مدى تحقق ذلك ؟

  • إذا كان أحد الشعراء قد وقف في بداية القرن أمام القطار مشدوهاً وهو ينشد:
    "وقاطرةٍ ترمي الفضا بدخانها                   وتملأ صدر الأرض من سيرها رعبا"
    فكيف تراه اليوم وهو يجلس في غرفته الصغيرة أمام تلك الشبكة الرهيبة، شبكة الانترنيت التي تضع بين يديه مكتبات كاملة بحجم مكتبة الكونغرس أو متاحف واسعة كمتحف اللوفر.
    هذا التطور الهائل في عالم الكومبيوترات وأسلاك الانترنيت كان لا بد أن يغير من إيقاع العصر.. وبالتالي من إيقاع الشاعر.
    والشاعر الذي يغمض جفنيه عن هذه المنجزات بايجابياتها وسلبياتها سيتجاوزه العصر أدرك ذلك أم لم يدرك. لذا أرى أن على الشاعر العربي أن لا يكون سلبياً أمام هذا المنجز الهائل، ليجرب التعامل معه ليكتشف بنفسه كم سيأخذ منه وكم سيعطيه، وكم سيحقق له من تواصل ومعارف وخدمات كان سيقضي سنيناً وسنيناً للحصول عليها، لكنها الآن وبضغطة زر يمكنه أن يستدرجها إلى عقر داره، أينما يكون في شمال الأرض أو جنوبها.

  • وهل استطاع تواجد بعض المواقع الشعرية والأدبية على هذه الشبكة عمل تقارب حضاري وإنساني بين الأدباء العرب بخاصة وبين أدباء العالم بعامة؟

  • نعم، إلى حد ما، بين أدباء الوطن العربي خاصة، فكم من الأسماء والنتاجات وصلتنا عن هذا الطريق رغم بعد المسافات ورغم سلطات دور النشر، إضافة إلى سلطات الرقابة العربية. ها نحن بضغطة أقرأ ما لم أحصل عليه. وأتواصل مع العديد من الأدباء والشعراء في الوطن العربي الكبير وفي العالم أيضاً. نتواصل ونتحاور ونتبادل نتاجاتنا، وهذا منجز حضاري مهم لو عرفنا كيف نوظفه ونستفيد منه.
    أما بين الأدباء العرب وأدباء العالم فلا زال الطريق محفوفاً بالصعوبات، لكن الانترنيت في طريقه إلى إزالة الكثير منها.

  • يريد أن يتعرف القارئ على أحدث اصداراتكم وكذلك ما تخبئه المطابع لكم؟

  • آخر إصداراتي هو ديواني "تأبط منفى" الذي صدر قبل عام ويضم  71 نصاً.. وقد سعدتُ بترجمته مؤخراً إلى اللغة السويدية والانكليزية وسيصدران قريباً..
    من مشاريعي الجديدة إعادة طبع ديواني "نشيد أوروك" الذي صدر في بيروت عام 1996 وكذلك دواويني الستة التي صدرت في العراق. بالإضافة إلى انشغالي على نص الطويل أسميته "نرد النص" ولم يكتمل بعد. أنا الآن متفرغ إلى الكتابة، وهناك في البال مشاريع وأحلام كثيرة ، أسعى إلى تحقيقها.


    (*) نشر في موقع مجلة "رؤى" في الأنترنيت

     
    البحث Google Custom Search