طواف.. يُروى أن أبا يزيد البسطامي؛ أراد السفر إلى الكعبة، لأداء الحج. فلما وصل البصرة، سأله درويش: ماذا تريد يا أبا يزيد؟ قال: أريد مكة، لزيارة بيت الله. قال الدرويش: هل معك زاد لهذا السفر. قال: نعم؛ 200 درهم. قال الدرويش: قلبي هو بيت الله، اعطني الدراهم وتعال طف حولي سبعة أشواط. أعطاه البسطامي الدراهم.. قال الدرويش: يا أبا يزيد.. الكعبةُ؛ بيتُ الله، بناه وتركه، وبناني وسكن فيَّ. أطوفُ؛ بالبيتِ، ولا بيتُ إلاّي؛ هل حولي أنا طفتُ حوليَ؛ أم حولَ الذي حولهُ لا حولَ، لا أينٌ، ولا وقتُ يسكنني؛ وأنني طائفٌ ببيتِهِ... فأيّنا البيتُ!؟ وهو بناني بيتَهُ، كيف لي؛ أن أسكنَ المسكونَ!؟.. .. إِحترتُ! أَسكنُني، يَسكنُني، وكيف للـ اثنين؛ أنْ يتسعَ البيتُ!؟ روحانِ؛ أيني من سنى أينهِ فأين أيني؟ أينهُ؟ تهتُ فليطفِ البيتُ، وآياتُهُ حولي؛ أنا النقطةُ، والبيتُ بناني روحاً، .. وبناهُ صَفا (*) هل يستوي: الحيُّ والميْتُ ............ يا ربُّ؛ هل يرضيكَ إنْ بتُّ أسيانَ، .. لا خبزٌ ولا بيتُ شرّدني جندُكَ - أسيافهم - باسمك ساموا، وبه أَفْتَوا همْ سرقوا بيتيَ، شادوا به بيتاً له... هل يصلحُ البيتُ!؟ وملكُه المُلْكُ، وملكي أنا ما فاءَ لي، به أنا فئتُ علّمني الأسما.. أنا اسمها معناي: لاهوتٌ وناسوتُ ....... ركّعهمْ بنورِهمْ، لي أنا ولم أردْ ذاكَ، وما اخترتُ فعاند الشيطانُ من غيرةٍ، وعاندَ الربُّ؛ وعانيتُ يصطرعُ الاثنان، في داخلي - ما لي أنا - هل ساحة صرتُ!؟ كلاهما يجرّني عنوةً لحربِهِ، مَنْ مالَ بي ملتُ فما أنا المسؤولُ - عن ذا الذي يجري - إذا خسرتُ أو فزتُ ........ يا ركعة؛ كم ركّعوني بها وكم ترمّضتُ وأُضنيتُ أُنزلتُ من فردوسهِ، خائباً لأنَّ.. من تفاحِهِ ذقتُ ولمْ أزلْ ينزلُني؛ دَرْجةً فدَرْجةً: الجنسُ، والقوتُ ما ليَ، يا قديرُ؛ من ركعةٍ قد نلتُ منها كلَّ ما نلتُ أدفعُ فاتورتها، مرغماً، للآن! ذا عدلكَ!؟ أَشْكَلتُ! .... قد خطَّ ما أفعلهُ قبل أن أكونَ. .. لِمْ كنتُ الذي كنتُ؟ في يده لوحي؛ وما في يدي أغيّرُ المكتوبَ!؟ أشركتُ! فهل سأمشي، عكسَ ما خطَّ لي..!؟ عصيتُ حقاً؛ إنْ تغيّرتُ فكيف يصليني بنيرانِهِ إن كان مرسوماً به سرتُ وكيف هذا الجمرُ، هذي الجَنَى؛ حكماً لمجبورٍ؟ تحيّرتُ هل نارُهُ قبلي؟ لماذا إذاً أشعلها وبعدُ ما صرتُ!؟ يحكمُ لي من قبل ما أستوي؟ هل جازَ هذا!؟ قد تعجَّبتُ! إن كان يدري ما أنا صانعٌ ففيمَ سوّاني ولِمْ صرتُ يَفْطرني؛ بما يشا؛ لا أشا فليس لي إنْ كنتُ أذنبتُ ...... إن كان قد شيَّأني هكذا فما أنا إلاّ الذي صرتُ وليسَ من نارٍ ولا جنةٍ صليتُ أو كفرتُ أو تبتُ ........... وبعدنا، بعد قياماتنا هل تفرغ الأرضُ، لكي يأتوا أمثلنا!؟ ففيم تكرارنا أم غيرنا؟ ففيم أُبليتُ ....... أطوفُ بالبيتِ كما شاء لي إن لمْ يشأْ ما كنتُ قد طفتُ إن طاف بي طفتُ؛ وإن لم يطفْ ما طفتُ، ما صليتُ، ما صمتُ ..... ................. نـَـصِّـيَ، أم جسميَ، أم أنها روحي التي فاضتْ فحلّقتُ وعقليَ الشكّاكُ؛ باقٍ هنا، طافَ بي الكلُّ، وما طفتُ .......... ............ 19-21/7/2010 مكة ____________________ (*) في "لسان العرب" لابن منظور: قال ابن سيده: الصَّفاةُ الحَجر الصَّلْدُ الضُّخْمُ الذي لا يُنبِتُ شيئاً. وقال ابن السكيت: الصَّفا العريضُ من الحِجارَةِ الأَمْلَسُ، جمع صَفاةٍ يكتَبُ بالأَلف، فإذا ثُنِّي قيل صَفَوانِ، وهو الصَّفْواءُ أَيضاً؛ ومنه الصَّفا والمروةُ، وهما جَبَلانِ بين بَطْحاء مَكَّة والمَسْجِد، وفي الحديث ذِكرُهما.. يقال في المَثَل: ما تَنْدى صفَاتُه. وفي حديث معاوية: يَضْرِبُ صَفاتَها بمِعْوَلِه، هو تمثيلٌ أَي أَجْتَهد عليه وبالغَ في امْتحانهِ واخْتِباره؛ ومنه الحديث: لا تُقْرَعُ لهمْ صَفاةٌ أَي لا يَنالهم أَحدٌ بسُوءٍ].
|