|
كولاج شعري (3): فيل سلفادور دالي (*)
انتظرتِ المدينةُ
- عشرةَ أيامٍ -
بنوافيرها وشوارعها وحاناتها ولافتاتها وقطاراتها وعاهراتها وأجراس كنائسها
انتظرتْ،
وانتظرتْ
وصولَ الفنانِ النفَّاج (**) لرؤيةِ فيل سلفادور دالي
غيرَ أنَّ الفنانَ لمْ يصلْ..
تكهّنَ الصحافيون بأنَّ خطأً ما قد حدثَ..
وعلَّلَ بعضُ النقادِ أنه مشغولٌ منذ سنين بعملٍ هام، وخمَّنَ البعض أن المعلومات الأرشيفية لمْ تصلْهُ كاملةً بعد..
بينما واصلتْ أحزابُ المعارضة صراخها ليلَنهارَ بأنَّه احتجاجٌ على سياسةِ العولمة..
وأُحبطَ السياسيون بمناقشةِ برنامجهم للانتخاباتِ القادمة
لكنَّ عمالَ البورصة كانوا أكثرَ تفاؤلاً وصخباً
وكذلك باعة الـ Hamburger
أطلَّ كوستاف أدولف (***) من على صهوةِ جوادهِ المخضوضر، متذمراً:
- ما الخطبُ!؟
لكنَّ أحداً لمْ يجبْهُ!!
كانوا منشغلين بالترقبِ، واحتساءِ البيرة، والقبلِ السريعةِ
زحفَ الموسيقيون الخمسُ (****) من قاعدتهم الحديديةِ
- باتجاهِ الجموعِ الصاخبةِ التي كانتْ تفترشُ الحدائقَ واسلالمَ والأرصفةَ -
وواصلوا العزفَ بلا كلل غيرَ أنَّ الفنانَ لمْ يصلْ.. وحين ضاقَ الجميعُ
ويأسوا
وتململوا
وبدأوا ينسلّونَ إلى بيوتهم
في حلكِ الليلِ والشائعات والصقيعِ
عَبَرَ فيلُ سلفادور دالي
سياجَ الحديقةِ
وراحَ يخبطُ الرصيفَ بأقدامِهِ الفولاذيةِ الطويلةِ
باتجاهِ بيتِ الفنانِ
طرقَ البابَ
هاتفاً: أنا
فيلُ سلفادور دالي..
جئتكَ لتراني..!!
1/12/1999 مالمو __________________ (*) عمل للفنان سلفادور دالي، تم نصبه في ساحة Stortorget في مدينة مالمو السويدية، أوخر 1999. (**) في لسان العرب لابن منظور: النَّفَّاج: المتكبر. "لا يلتفتُ يمنة ولا يسرة من كِبْره"- فقه اللغة للثعالبي.
القصيدة ليست بالضرورة أن تشير لأحد. (***) تمثال لملك السويد كوستاف أدولف وسط ساحة Stor torget.
(****) عمل فني يمثل خمسة عازفين في شارع المشي Gågatan في مالمو.
| 
