بقدر ما يبدو شعر عدنان الصائغ، عبر هذه المجموعة وما سبقها، من مجاميع، مخلصاً لتقاليد الشعر العراقي ووفياً لها. يبدو هنا وفي تلك المجاميع أيضاً، أميناً لظروف كتابته، ودقيقاً في توفير عناصر الانسجام بين عوالمه الشعرية، عبر النصوص. وعوالم الكتابة المحيطة، عبر ظروفها الاجتماعية والتاريخية.
إن عدنان الصائغ الذي يقدم لقرائه من خلال مجموعته هذه كتابه السادس (المطبوع) مازال قريباً من تأثيرات أجواء الحرب التي تحظى بحضور مدوٍّ في أغلب أعماله. إنه ينتقل بها (الحرب) إلى البيت والشارع والمقهى والأحلام والحدائق بمثل ما ينتقل بالحب والصداقات والمرايا والطفولة والأنهار إلى خنادق الحرب.. وفي كل الأحوال يبدو عدنان الصائغ منشداً حزيناً ومرهقاً تأخذه الأضابير والوظيفة والديوان حيناً وتأخذه القذائف والملاجيء والطائرات أحياناً أخرى ليخرج من كل هذا كما لو كان (آخر) الشعراء وقد دالت دولتهم وجف في وجوههم ماء الحياة... كما يقول الشاعر حسب الشيخ جعفر وعدنان الصائغ الذي يستعير للغلاف الأخير لكتابه شهادة الشاعر حسب الشيخ جعفر يبدو أكثر صراحة في التعبير عن امتنانه للسلالة الشعرية العراقية التي لا تستطيع القراءة إغفال انتساب أكثر نصوص الكتاب إليها في غمرة محاولات الكثيرين من مجايلي الصائغ الخروج على هذه السلالة والتمرد على أصالة الانتماء لمنجزها.