أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
 
في مكتبة "الصحافة":

غيمة الصمغ لعدنان الصائغ
جسر إلى النسيان

حافظ محفوظ
- تونس -

ضمن سلسلة "ضد الحصار الثقافي" صدرت ببغداد في الأيام الماضية المجموعة الشعرية الخامسة للشاعر العراقي عدنان الصائغ ممهورة بـ "غيمة الصمغ". المجموعة تضم طيها ثلاثين قصيدة تتوزع على اثنتين وستين صفحة من الحجم المتوسط.
من يعلم الشاعر أن يكون دائما متوثباً لاختطاف اللحظات الأكثر انفعالاً في العالم وفيه، داخل أعصابه وذكرياته وتفكيره وأحلامه وحدسه وانشغالاته؟ من يعلمه هذه اللعبة التي تصنع منه جرساً يرن كلما نبه؟ عدنان الصائغ في "غيمة الصمغ" يحاول أن يرصد أجراسه المنبهة دائماً المتعبة برصد الذات أولاً والحبيبة/ البلاد المضطربة دون نهاية وهو في محاولته يرسم الرنين الصادر عنه يرسم آهة الروح وارتجاج القلب وتوثب الحواس فتكون رسومه قصائد متوهجة لا يمكن أن نمسك ببدايتها أو بنهاياتها وهذه طبيعي لأنها قصائد مرتعشة ومتحركة دون انقطاع أو توقف كأنما هي رجع صدى لناي أو كمنجة حزينة ومضطربة. وعدنان الصائغ يحتفل بخيباته شعراً

"يدها
وأفتح ليل نافذتي
على مطر
ينث الأفق من عبق اشتهائك
هاهنا وجعي على البحر المحاصر
هاهنا قلبي يدثره صقيع يديك
في البلد الغريب" صفحة 28

إن اختزال القول ضرب من التفريط في لذة اكتشاف ما بقي منه ومجموعة "غيمة الصمغ" هي مقاطع مختزلة من قول يمتد إلى لا نهاية الفعل الإنساني في ما يراه ممكناً من الفعل وهي اختزال لكلام كثير ينثره عدنان الصائغ على مياسم قصائده كأنه يريد لها أن تخصب على رغبتها ووفق ما يرومه لها قارئها فهي تحيل إلى فضاء غير ما تشير إليه لغتها وتأتي إلى أجواء لم ترسمها كلماتها أو جملها وهو ما يضيف إليه قوة التخيل كجمالية نثرية يستغلها الشاعر لتتسع العبارة. يقول في قصيدة "محاولة" (ص 48)

"ضعه فوق السندان
واطرقه بلا رحمة
أطرقه، أطرقه، قلت له:
أطرقه كي يتمدد هذا القلب
ويصبح جسراً يوصلني للنسيان"

إنها الطريقة التي يقنع بها الشاعر نفسه أنه أمسك بلحظة هاربة ويصر على أنه أمسكها غير أن اللحظة هي التي تمسكه وتقيده بالكلمات وتصور له نفسها على شكل قصيدة يطرب لرؤيتها مكتملة نقول هذا لأننا ندرك جيد الإدراك، كما علمنا شارل بودلير وأبو تمام أن الشعر لا يكتب بل يمسك بذيله ويتبع إلى أقصى تخومه دون الكلام حتى لا يجفل لأنه جموح ولا نقصد بالكلام سوى ذاك الذي يأتي من خارج الشعر. عدنان الصائغ في مجموعته "غيمة الصمغ" يمسك جيداً بتلك اللحظات التي تنسكب من مسامات الوقت وهو يفعل ذلك بعمق دراية وعميق الخبرة على غربلة اللغة الشعرية كما لا يدع هذا المقطع من قصيدة "خرجت من الحرب سهواً" ص 56 أي شك.

"... أن نقصر قاماتنا
كي تمر الرياح على رسلها
أن نماشي القطيع
إلى الكلأ الموسمي"


(*) صحيفة "الصحافة" - تونس في 20/4/1993
 
البحث Google Custom Search