أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
 
نادراً ما التقيتُ شاعراً مثل عدنان الصائغ، تكتبهُ القصيدةُ قبل أن يكتبها، ممتلئاً بالشعرِ فيّاضاً به، كلما رأيتهُ أدركتُ أن الشعرَ لما يزلْ في بقعةٍ ما من هذا العالم الحديدي الحجري، ربما في جزيرةٍ منعزلةٍ هجرتها الطيورُ ولمْ تهجرها القصائدُ بعدُ، بل يُخيّل لي أن الأرضَ كلها في تصورِ هذا الشاعرِ ليستْ إلا أوراق قصائد تدورُ.. لا شيء من حوله أو بين يديهِ إلا هذا النغمُ التائهُ المسحورُ، أو هذه المرأةُ المتنكرةُ الباهرةُ الضائعةُ في عالمها الضائعِ – أي القصيدة،  أو هو أشبه في زمنهِ هذا بفارسٍ عَلّقَ شارةَ الفروسيةِ في عصرٍ لمْ يعدْ يحفلُ بالفروسيةِ والفرسان، ولمْ يعودوا هم إلاّ أشباحاً وظلالاً. وأنني أحمدُ لهُ هذا الصبر والتشبّث ، وهذه الرغبة في اقتحامِ (طواحين) الأيامِ (النثرية) المصفّحةِ بالإسمنتِ والذهبِ، بل يُخّيلُ لي أحياناً أنّهُ (آخرُ) الشعراءِ وقد دالتْ دولتهم وجفَّ في وجوههم ماءُ الحياةِ والحياء...
الريحُ تسرعُ الخطى وهو مسرعٌ إلى قصيدتهِ. فلاّحٌ محراثُهُ اليراعُ وحقولهُ الورقُ. صائغٌ أدمى جفونَهُ فوق مادةِ الشعرِ الزئبقيةِ الهاربةِ. طيرٌ تائهٌ على أرصفةِ السجائرِ والجرائدِ. طفلٌ لمْ يزلْ لاهياً بطيارتهِ الورقيةِ بين طائراتِ الكوكبِ الأرضي الهادرةِ المتراكضةِ. تتدلى القصائدُ بين يديه كما تتدلى العناقيدُ الذهبيةُ بين عرائشها وكؤوسها. هو صاحِ و(الآخرون) نائمون، هو مجنونٌ ثملٌ بالشعرِ و(العقلاءُ) الكثرةُ الكاثرةُ. العالمُ نثرٌ وهو شعرٌ، كما يقولُ عبد الصبور. العالمُ حجرٌ وهو موجةٌ، كما يقولُ بوشكين. العالمُ عوسجٌ وعاقولٌ وهو ورقةُ وردٍ..
سلامٌ على القصيدةِ، حيّة،  نابضة، ملء أصابعِه...

حسب الشيخ جعفر
31/1/1993 بغداد


(*) كلمة الشاعر حسب الشيخ جعفر على الغلاف الأخير لديوان الصائغ "غيمة الصمغ"- ط1 مطبعة الأديب البغدادية 1993
 
البحث Google Custom Search