أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
 
عدنان الصائغ في "غيمة الصمغ":

خارج من زمن الخيانات

قبل نيف وألف عام وقف المتنبي ندا لقلبه بعد أن اكتشف أن قلبه صار خصمه فقال:
حببتك قلبي قبل حبك من نأى
وقد كان غدّاراً فكن أنت وافيا
وها هو ذا اليوم شاعر شاب معاصر يقف معاتباً قلبه في ديوان جديد أسمه "غيمة الصمغ".
يقول مؤلفه عدنان الصائغ في قصيدة "لوحة":

"أيها القلبُ
   يا صاحبي في الحماقاتِ
     يا جرحَ عمري المديدْ
أنت بادلتني الحلمَ – بالوهمِ
ثم..
      انحنيتَ..
ترتّقُ ظلّكَ في الطرقاتِ
أنتَ أوصلتني للخرابِ
وسمّيتهُ "...."
ثم بيتاً…
فنافذةً نصفَ مفتوحةٍ
أنتَ ضيعتني…
ثم ضعتْ"

عدنان الصائغ واحد من "أخطر" شعراء الحرب الذين أنجبهم جيل الثمانينات الشعري في العراق. عاش الحرب بكل تفاصيلها جندياً في جبهات الموت سنوات طويلة. ولأنه يكره الحرب جدا قدر حبه للعصافير، فقد كانت الحرب متشبثة به. ربما كانت بحاجة ماسة إلى من يكتب تاريخها السري غير ذلك التاريخ العلني الذي يدونه مزوروا الحرب وفي المقدمة منهم شعراء المديح... العالي.
عدنان الصائغ الذي أصدر قبل "غيمة الصمغ" الذي أعده حدثا شعريا مهماً، الدواوين الآتية: "انتظريني تحت نصب الحرية"، "أغنيات على جسر الكوفة"، (مدينة الشاعر)، "العصافير لا تحب الرصاص"، "سماء في خوذة". كان وما زال وفيا لقضية أسمها الشعر. ولذلك حق له أن يدوّن تاريخ الحرب التي كان من الأفضل لها أن تلفظه إلى الخطوط الخلفية مثل عشرات ممن دونوا تاريخاً شعريا مزوراً لأنهم لم يروا من الحرب غير "التوجيه السياسي".
ويبدو أن الصائغ خرج فعلا من الحرب سهواً كما هو عنوان إحدى قصائده. يقول فيها:

"أنا خارجٌ من زمانِ الخياناتِ
نحوَ البكاءِ النبيلِ على "وطنٍ" أخضرٍ
حرثتهُ الخنازيرُ والسرفاتُ
أنا داخلٌ في مدارِ القصيدةِ
نصفَ طليقٍ
ونصفَ مصفّدْ
فعليكمْ رثائي بما تملكون من النادباتِ
وليسَ عليّ سوى أن أشيرَ لكمْ
بأصابع "نائلةٍ"

يقول الشاعر حسب الشيخ جعفر عنه أنه "فلاح محراثه اليراع، وحقوله الورق، صائغ أدمى جنونه فوق مادة الشعر الزئبقية الهاربة، طير تائه على أرصفة السجائر والجرائد، طفل لم يزل لاهيا بطيارته الورقية بين طائرات الكوكب الأرضي الهادر المتراكضة، تتدلى القصائد بين يديه كما تتدلى العناقيد الذهبية".
لقد أخطأت الحرب كثيراً عندما تركت الصائغ طليقاً... لماذا يخرج سهوا وهو القائل:

"لمْ أنهزمْ....
أو أفرَّ - كخيلِ بني العمِّ -
من ساحةِ الحربِ
بيني وبين الرصاصِ مسافةُ صدقي
وهذي القصيدةُ, مبحوحةُ الصوتِ
من فرطِ ما هرولتْ في الخنادقِ
تصرخُ من فزعٍ وذهولْ:
ـ أوقفوا قرعَ هذي الطبولْ"


(*) صحيفة "المحرر" باريس ع 215 في 16/8/1993
 
البحث Google Custom Search