أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
 
الصدى.. والصدأ
في صراخ الصائغ الطويل

كلام وجيز على ديوانه "صراخ بحجم وطن"
إصدار دار المنفى – السويد.

صلاح أحمد
قاص وكاتب عراقي مقيم في السويد

"صراخ بحجم وطن" مختارات شعرية لعدنان الصائغ استلها من ثمانية دواوين من دواوينه. وحين يعتبرها الصائغ مختارات، يعني ذلك مسبقاً أنها أقرب قصائده إلى نفسه. بل أفضلها .. من هنا يغدو أي كلام عليها محاولة شبه مستحيلة بالغة الصعوبة في الآن ذاته. كونها تنتمي إلى مراحل زمنية متباينة، بدءاً من الثمانينيات. وتختلف ظروف كتابتها وموضوعاتها.. كما أن للصائغ وضعاً خاصاً يفرده عن شعراء جيله سواء حين كان داخل الوطن أو خارجه. وحين ضاقت به دائرة الوطن ركب متن المغامرة وتغرب.. ثم اتسعت أمامه آفاق المنافي، وإذ تحاصره العتمة آنا تنفتح له في الوقت ذاته كوى من السنا – سنا الذات العميقة عبر تلون التجربة والحياة خلل أقاليم حلمية غير مطروقة ومسكونة. لذلك حين نقترب من عوالمه ونتغلغل في قصائده. نجدنا داخل مجاهل ممتلئة بالأزهار والأشواك ورؤى عجائبية تضم فراديسه وجحمه المدهشة. وعندما نؤوب منها نكون مرتعبين ومرتعشين متدثرين بالوصب والعرق وبقايا ارهاصات معاناةٍ. ولأن الصائغ يمتلك تجارب رؤيوية وحياتية لا تعد ولا تحصى غير عادية.. يرميها فوق أوراق قصائد الملغومة بالعشق والثورة والغضب والمحبة، تزدحم بالصور الكثيفة المزدانة بتفصيلات الحياة اليومية. قصائده متنوعة ذات طبقات، عليا وسفلى، ظاهرة ومضمرة، قريبة المغزى وبعيدة المرمى، يستقدم أدواتها وحيواتها من داخل الوطن. ومن حافة المعايشة وخارجها. وما يكتبه من داخل الجحيم يبدو ناعماً طرياً بارداً، حيناً، وحارقاً جارحاً مراً حيناً آخر. لذلك أقول: إن الكلام على شعره – وهو الصانع الأمهر في الصياغة الشعرية – ضرب من اللاجدوى والمستحيل وإنه يحشد ألواناً من الصور والرموز والمجازات يمزجها بظنونه وجنونه، وعلمه وحلمه، وكراهيته وعشقه، عصافيره، وزهوره، أوهامه وأوزاره، بكائه وغنائه، آماده وعاداته. وحسْبُ ديوانه "صراخ بحجم وطن" انطواؤه على كل هذه التناقضات والإرهاصات والهواجس مذ بدأت مسيرته الشعرية معبّراً عن مواقفه الإنسانية، ومكوناته الإجتماعية والفكرية، الملوّنةً بحزن ثقيل قاتم لا يسمح أبداً لنافذة فرح أن تشفّ، وتشعّ، ولا لسانحة مسرّة ان تتنفس. إنّه لفي مسعى دائم لتعرية النفس البشرية، وكشف أورامها وكوابيسها المتشابكة:

(قال أبي: لا تقصصْ رؤياك على أحدٍ، فالشارع ملغوم بالآذان / كل أذن يربطها سلكٌ سري بالأخرى / حتى تصل السلطان //
- ثلاثة مقاطع للحيرة –
من ديوان تأبط منفى، ص6)

إن الوضع المأسوي الذي يمر به الإنسان العربي في وطنه قد تغير من سيء إلى أسوأ وبات فرداً مهمشاً مهزوماً، يتناهبه الجوع والهلاك، منكسراً ومنكفئاً. تضافرت على سحقه قوى باطشة داخلية وخارجية:

(جالساً بظل التماثيل / أقلّم أظافري الوسخة / وأفكر بأمجادهم البادخة / هؤلاء المنتصبون في الساحات / يطلقون قهقهاتهم العالية / على شعب / يطحن أسنانه من الجوع //
- نفس القصيدة - ص7)..

والشاعر كالطائر المغرّد، يود لو ينتقل من ديار إلى ديار وله الفضاءات والسماوات، يملأ صدره بقدر كبير من أنسام الحرية. وحين يجدُ صدره قد ضاق، وتنفسه بات صعباً .. والهواء ما عاد نقياً.. يختار التغرب .. ففي المنافي يغرّد بطلاقة.. وبنبرات أكثر صدقاً:

(أنين القطار يثير شجن الأنفاق / هادراً على سكة الذكريات الطويلة / وأنا مسمّرٌ إلى النافذة بنصف قلب / تاركاً نصفه الآخر على الطاولة //
- العبور إلى المنفى - ديوان تأبط منفى ص15)..

وإذ يسرد أي شاعر اضغاثاً من ذكرياته يختار أوجعها وأشدها إيلاماً. ذلك إن الذكرى الأليمة تظل راكدة في اللاوعي. تقضّ مضاجعنا بين أوان وأوان:

(وطني حزين أكثر مما يجب / وأغنياتي جامحة وشرسة / سأتمدد على أول رصيف أراه في أوروبا / رافعاً ساقي أمام المارة / لأريهم فلقات المدارس والمعتقلات التي أوصلتني إلى هنا //
- القصيدة نفسها - ص11)..

ومهما توغل الشاعر في عمق الغربة والتقى زماناً جديداً، وأماناً طرياً فإن حب الوطن يبقى هاجسه الأول والأوحد.. وعشقه الأزلي:

(أجلس أمام النافذة / أخيط شارعاً بشارع / وأقول: متى أصلك //
- قصيدة تكوينات –
من ديوانه بالاسم ذاته ص12)..

ويبدو إن حياة المنفى لا تحقق له رغباته وآماله الملونة .. إنها استقرار مؤقت وركون إلى الراحة غير دائم.. إنها بداية الإنطلاق للفعل القابل:

(لكثرة ما جاب منافي العالم / كان يمرُّ منحنياً / كمن يتأبط وطناً //
- القصيدة نفسها - ص15)..

وخلال حياة المنفى يحلو للشاعر أن يحلم.. أن يستقدم شظايا ماضيه الجميل بفاعلية حميمة، ساخنة، طرية، حزينة حد المأساة، يصوغ منها قصائده الملتهبة:

(كم صخرة تحتاج الأرض لتكتم صراخ شهدائها / حين يمرّ على أديمها القتلة //
- ذات القصيدة - ص16)..

وتتعدد في قصيدة "تكوينات" الرؤى والمشاهد .. وينحو الصائغ خلالها منحىً صوفياً خالصاً، مردداً صدى كلمات الحلاج والنفري .. بل يستعير شكاواهم:

(أيها الرب افرشْ دفاترك / وسأفرش أمعائي / وتعال نتحاسب //
- قصيدة حساب - ص18)..

وقد يستعير أيضاً لُمحاً من فلسفة عمر الخيام خلال حواره مع الله، مفضياً إليه ساعة تجلياته شكواه:

(نظر الأعرج إلى السماء / وهتف بغضب / أيها الرب / إذا لم يكن لديك طينٌ كافٍ / فعلام استعجلت في تكويني //
- قصيدة شكوى - ص19)..

وإذا كان كل عباد الله في مشارق الأرض وفي مغاربها بعيشون أوضاعاً إنسانية مستقرة، لهم الوقت والمكان يخرجون ويعودون متى شاءوا فإن الإنسان العربي مكبّل بالكثير من القيود، خاضع للحساب والسؤال وفقاً لمزاجية رجال الحدود والكمارك. إلا إن الصائغ عبّرَ عن هذه الحالة القاتمة الكأداء بلغة الحلم الشفيفة:

(رسم بلاداً على شرشف الطاولة / وملأها بالبيوت المضيئة والجسور والأشجار والقطط، قطع تذكرة وسافر إليها / محملاً بحقائبه وأطفاله / لكن رجال الكمارك أيقظوه عند الحدود //
- قصيدة غياب - ص20)..

هكذا هي الحال في وطننا العربي، تُقطع على المرء أحلامه، وتُعطى له حريته قطرة فقطرة. وحين تطول حياة المنافي ويضمحل الأمل بالعودة تشحب وتذبل صورة الوطن وتبتعد:

(ما بيننا وطن لا يؤوب / سفنٌ كالندوب / على صفحة الماء / كفي وكفك ترتعشان من البرد / هل قلت: إنّا غريبان في المدن الطحلبية، نبحث عن نخلة / لتظلل أحلمنا في اليباس الأخير.. //
- قصيدة أماناً أيها البحر-
من ديوان تحت سماء غريبة ص24)

وإزاء الوضع المأساوي للإنسان يجد الشاعر ويرى إن عالمنا العربي يخضع لثوابت مصنوعة بذكاء يخططها – راهناً ومستقبلاً – دهاقنة السياسة العالمية، فما إن ينجني وضع مريع حتى يشرئب وضع أشد قسوة:

(كلما سقط دكتاتور / من عرش التاريخ المرصع بدموعنا / إلتهبت كفاي بالتصفيق / لكني حالما أعود إلى البيت / واضغط على زر التلفزيون / يندلق دكتاتور آخر //
- قصيدة سذاجة - ص 26)

ولا يكتفي الصائغ بتقديم هذه المعادلة بل يستغرق كذلك في تعظيم وتجسيد التفصيلات الصغيرة… منتقلاً من العام الى الخاص .. من الكل إلى الجزء .. وذي الحروب تطحن  الناس، حتى باتت كلُّ عائلة تطولها إرهاصاتهاالثقيلة وذيولها الدموية:

(على قوس الصباح/ تنشر المرأة غسيل أيامها / تتلمّسُ ثيابه المبقعة بغبار الحروب / فجأة تختلسُ النظرات لسطح جارتها/ وهي تنشر ثيابها السود //
- قصيدة: حبل غسيل - ص 30)

هكذا باتت حياة الناس في هذه الأوطان: أمان مغيّب، أمراض متفشية، قمع ظاهر ومستور، تصفيات جسدية، أرامل ويتامى، يحصدهم الموت.. وقبالة هذه الصورة السوداوية يغشى اليأسُ الشاعرَ يأساً لا فكاك منه. فكلّ أسلحته وعدته، وأسلحة كل الشعراء بلا جدوى وكل ندائاتهم وأغنياتهم محبطة. لا أحد يستمع إليهم.. وأنهار الدم تجري، والأرواح تزهق، وماكنة الحروب اللعينة تطحن الأخضر واليابس:

(ضعه فوق السندان / واطرقه بلا رحمة / اطرقه يا حداد / اطرقه كي يتمدد / هذا القلب / ويصبح جسراً يوصلني للنسيان //
- قصيدة "محاولة" –
من ديوان غيمة الصمغ ص 33)..

ويتذكر الصائغ قصة أمرئ القيس عندما قتل أبوه فما من أحدٍ يستعين به سوى قيصر .. وما عرف أن لدى هذا يكمن هلاكه أيضاً .. إلا أنّ شاعرنا يورد هذا الحدث التأريخي منطلقاً من إحساس بالغربة والوحدة وانقطاع الصلات مع الأهل مغيرّاً سرد الحكاية باتجاه مغاير:

(صحتُ يا صاحبي / في الضياع الكبير / أعنّي على غربتي / بين نفسي وبيني / بلادك ضيعتها وإنتهيت / وها أنتَ مثلي / أضعتَ الدليل أم باب روما / رأيت الجنود يسدون كل المسارب دون الحدود / فآخيتُ بين الرمال وقلبي / وقلتُ: هو الدربُ أبعد مما نظن، الى قيصر //..
- قصيدة بكائية لامرئ القيس - في ص 34)

وإذا انطفأ أوار الحرب هنا وهناك. فأنها تشتعل ثانية في صقع آخر. فتجار السلاح، وأصحاب القرار لا بد أن يجدوا ساحة أخرى لصرف بضاعة الموت. وكل الحروب لا تخلف سوى مزيد من الرماد والموتى والدمار وجيش من الأيامى واليتامى:

(غداً، حينما تنتهي الحربُ مرغمةً، مَنْ يعيد لأرملة الحرب زهرتها اليانعة .. // قصيدة غيمة الصمغ ص 35) .. ولأن كلّ حرب على وجه الأرض شرسة، عدوانية خارجة عن إطار العدل والتسامح لا تفهم الثوابت الإنسانية. فهي تأكل شباب الأوطان. تقطع الحرث والنسل: (اقلبي الصفحة الآن/ لا وقت /  إن القنابل تقتسمُ الأصدقاء //
- قصيدة بريد القنابل-  ص 44).

والصائغ إن ينسَ كل شيء فلن ينسى حال الشعر والشعراء. حيثُ استحال جلهّم أبواقاً لتمجيد التماثيل الصدئة الملطخة أياديها بالدم والجريمة .. وكرسوا إبداعهم لصقل وتلميع هذه التماثيل:

(دخل الشعراء الرسميون / إلى القاعة / واكتظ الحفل / لكن الشعر غريباً ظل أمام الباب / بملابسه الرثة يمنعه البواب //
- قصيدة أمسية شعرية –
من ديوان سماء في خوذة ص 45)

لكن قبالة شاعر المناسبات الذي تمتلئ جيوبه وحقائبه بالعملات الصعبة شاعراً آخر يعيش في دركات الفقر. وقد يفضي به تشرده وبؤسه الى الجنون وهو الذي لا يملك من متاع الدنيا سوى إبداعه المتميز:

(أوصلتني القصيدة للفقر / هل أوصلتك القصيدة للفقر !؟ / هل أسلمتك إلى حارس السجن !؟ أو للتشرد أو للجنون!؟ //
- قصيدة إلى شاعر برجوازي - ص 47)

وتنحو بعض قصائد الصائغ منحىً قصصياً تعبر بكثافة ممتلئة رواءً عن لحظة عابرة مشحونة بدلالات رمزية ايحائية:

(يهبط الغصن ثانية ثم يصعد / والبلبل المتأرجح منشغلٌ بالغناء / طلقة / جثة يقف الغصن مرتجفاً / لحظةً / ثم يسكن / تصمتُ في الغاب كل البلابل //
- قصيدة "طلقة" من ديوان: العصافير لا تحب الرصاص- ص 48)..

ويرى الصائغ: أن الشاعر الأصيل الذي يحترم إبداعه الفني لا ينبغي له أن ينساق وراء المكاسب الصغيرة ويضيع صوت حنجرته في الضجيج:

( في ضجيح الطبول / لك أن تنتحي جانباً / وتؤجل ما ستقول /
- قصيدة حكمة مؤقتة - ص 49)

وحينما نغوص في قصائد شاعرنا نكتشف أنه تناول كل مناحي الحياة ومعطياتها. وتغور في تفصيلاتها الصغيرة. ولم تفته حتى الحالات الإنسانية الدقيقة التي لاتسترعي الانتباه كومضة حب عابرة أو لفتة غير مقصودة:

(دائماً، عند كشك المحطات / أبتاع تذكرتين / دائماً كنت أرنو لمقعدها الفارغ / للحكايا التي كنت أعددتها للطريق الطويل / دائماً / كنت أجلس ملتصقاً قرب نافذة / في القطار المسافر، وحدي / وأترك فوق رصيف المحطة / تذكرة ذابلة // - قصيدة: وحدة - ص 49).

ومثلها هذه اللوحة الأخاذة التي تشكل لقطة حية من مشاهد الحياة الكبيرة، تنبض بالأحساس الصادق:

( قلم / مرَّ على ورقة / مرَّ وما سلّمَ / ما أحنى لمفاتنها عنقة / لم يعرف ما بين حناياها القلقة / من شوق أخاذ للحب/ ولم تفهم نزقه / كغريبين معاً/ مرّا / وافترقا / رجلاً يتسكع ، وامرأة محترقة //
- قصيدة: مصادفة - ص 52)..

والهاجس الإنساني – الذاتي المتوحد ، الذي لا بد منه لتأكيد نبرات الإحساس، وتعميق كينونة الفرد – يطفو أحياناً. ويتحرك فيشف عن أرق المشاعر ويشي باتصال وثيق بالحياة على أنه حيٌّ تومضُ جنباته بعاطفة تجاه النفس والآخرين:

( إذا ما اتكأت على شرفات القمر / ونامت بلبل الضفائر إحدى نجومي / فلا تقلقيها / إنها آهة / كسرت باب قلبي / وفرت إليك / لتشكي همومي //
- قصيدة "شكوى" من ديوان انتظريني تحت نصب الحرية - ص 58)

( كنتُ أفضّل لو كانت العبارة: لتشكو همومي.. والفعل شكا أصل ألفه واو)
ختاماً: كنت أحاول إعطاء انطباع سريع عن ديوان (صراخ بحجم وطن) الذي يضم مختارات من ثمانية دواوين.. أغلب الظن أني لمْ أفِ قصائده حقها، ذلك أمرٌ بالغ الصعوبة كون الصائغ أولاً ليس بالشاعر السهل.. ثم، أن من الجنون الكلام على بضعة دواوين دفعة واحدة.. وأود لو اسأل الشاعر شاعرنا: كيف لم يحترق حتى الآن وعالمه الأعمق ينطوي على هذا الكم من الحرائق والبراكين؟! كل قصيدة شواظ من نار تتلظى في قرارته.. يبدو أن ما يشفع للمبدع – وبخاصة الشاعر – أنه يزفر كل هذا اللظى والدخان عبر الكتابة. لذلك لا يحترق، ولكنه يحرق أعداءه ويضرم النار في العروش القديمة وأوكار الظلم.. ليعود العالم فتياً طرياً حانياً يضم البشر جميعاً تحت جناح الرحمة والسلام .. وبدا لي من خلال الديوان، أن شاعرنا لم يكُ مجرد راءٍ يرى الى الأشياء والأوضاع، يسجل بلا مبالات انطباعاته.. بل كان دائماً داخل أتون المعاناة فاعلاً ومساهماً ومحرضاً وكان لتجربة الحرب الطويلة دور في بلورة أدواته الإبداعية.. إن المآسي الكبيرة تعمق أحاسيس الشعراء، تمنحهم خبرة ثرة وخيالات متنوعة.. والفرق واضح وشاسع بين من يعيش في الأتون، داخل الدائرة وبين من يعتمد على السماع ولا يلمس الجراح.. وتكاد قصائد الصائغ تستحيل، أحياناً، إلى أمثال موجزة أو أغنيات مهمومة تترامى إلينا، إلى أسماعنا، هادئة صادحة دونما صراخ أو صخب .. والنبرة الشاعرية تظل عالقة بالقصائد برغم نثرية معظمها.
وإذا كانت مهمة الشعراء زحزحة بنية العالم اللامتوازنة نحو التوازن لخدمة الأنسان في كل زمان‎ فأن عدنان الصائغ كان وفياً حد التضحية. وأسهم بفاعليةٍ وإيجابيةٍ للوقوف إلى جانب الحق.. وكل شعره مكرس وسيلة وغاية لرفع الظلم والحيف عن كواهلنا.. نحن أبناء هذا الكوكب الذي في وسعه أن يسعد الجميع، ويشبعهم.. أتمنى لو يُستجاب إلى دعوات الصائغ لصياغة عالم جديد قائم على الحق والعدل .. عندئذ يمكن للطيور المهاجرة العودُ إلى أوطانها. وينطفئ صوتُ الظلم الى الأبد.


(*) نشرت في صحيفة "الزمان" لندن ع936 في 7/6/2001
(*) نشرت في مجلة "ضفاف" ع 9 شباط/ فبراير 2002 النمسا (عدد خاص- الصائغ في مرايا الإبداع والنقد)
 
البحث Google Custom Search