استذكارات عن التجربة
د. عبد الإله الصائغ
ابصرت النور وياليتني لم افعل فجر الثلاثاء11 آذار مارج 1941 في بيتٍ فارهٍ فسيح واقع في الجادة الثانية بمدينة النجف . وكانت سعادة الوجيه الثري السيد علي الصائغ الذي وزع هدايا بمناسبة ولادتي تحدثت عن بذخها المحلة لفترة طويلة لا توصف فقد جئت بعد بنتين هما حياة ونجاة !! ووالدتي الزرقاء ابنة المرشد محمد حسين زيارة آلبو اصيبع وكيل العثمانيين في النجف !! كانت اصغر سنا من اصغر اولاد السيد علي وبناته من ازواجه الأخريات فهو مثابة جدها !! ومات السيد علي الصائغ ليلة الجمعة الأولى من محرم الحرام سنة 1944 بمحله بقيصرية الصياغ في النجف وكانت القيصرية ملكا للسيد !! فهرول اخوتي لأبي وسرقوا خزائن الذهب والموجودات وكان بعضها امانات من الناس !! وهربوا وتركوا جثة ابيهم وقد سقطت عمته واستند جبينه الشريف قهرا على السندان !!!! دخلت مدرسة غازي الأبتدائية التي يتاخم قفاها بيتنا مباشرة عام 1947 واستقبلني مديرها المرحوم رؤوف الجواهري بالصراخ والتهديد والشتائم لأن اخي الكبير السيد عبدالأمير الصائغ أطال الله عمره خريج غازي كان مكروها من قبل هذا المدير !! وتشجع معلمو الحساب والجغرافية والرسم والأنجليزي فكانوا يجرحون مشاعر الطفل فيَّ دون رحمة زد على ذلك تفرد الفراش عبد عون الياسري بسلطات مرعبة !! لكنني اعشق مدرسة غازي واحن الى ايامها فقد اهدتني خيرة اصدقائي وجمعتني بمناضلين تاريخيين لن يتكرر ظهورهم ببساطة . وثمة المدرسة المركزية في الناصرية وفيها درسني عبقري العربية كاصد الزيدي وثمة مدرسة الغري الأهلية وفيها نعمت بأساتذة تاريخيين اذكر منهم الشيخ عبد الله الشرقي أديب العراق المعروف وهادي المواشي الخطاط والمناضل التقدمي والملة سلمان الدلال العلامة المميزة لمدينة النجف وهو أب لمناضلين تقدميين صلبين هم الأساتذة :عبد الرضا وداوود وسعاد فضلا عن انه يدير مدرسة في العطلة الصيفية هو مديرها ومعلمها الوحيد وكان رحمه الله يمتنع عن اخذ قسط الدراسة مني لأني يتيم ! وثمة ابن حيان الأبتدائية في الكوفة والأمير عبدالإله في الكاظمية !! لتعدد مدارسي فقد انهيت الأبتدائية في ثماني سنوات !! . متوسطة النجف كانت رائعة واستقبلني مديرها الأديب عبد الرزاق رجيب بحنان جعلني اكره ايام العطل لأنها تبعدني عن الخورنق واستاذنا كريم علي عودة كان ذواقة أدب ومربيا من طراز خاص واذكر بعض المدرسين ذوي الميول القومية الذين ضللوا الطلبة ومنهم محسن البهادلي ومحمد علي المقرم ...!! وانا بين الطلبة المُضَلَّلِين وقتها بأفكارهم السود !! وكان زميلي وعلى الرحلة ذاتها الشاعر المعجزة عبد الأمير الحصيري والقاص موسى كريدي والبعثي المهووس حميد المطبعي لكن الزميل الأروع هو الشهيد المناضل محمد موسى التتنجي نقيض رفيقه الشيوعي زهير شكر مصور الشعبة الخاصة – الأمن فيما بعد - !!!! . وفي الخورنق التي كانت تقود المظاهرات ضد العهد الملكي السعيدي وضد العدوان الثلاثي على مصر مع شقيقتيها : السدير واعدادية النجف وبعيني هاتين شهدت مصرع الزميل محمد رضا الشيخ راضي على السلم المفضي الى الطابق الثاني وحملته ودمه يشخب حارا على جسدي الواهن وبعيني هاتين كنت اشهد الشهيد الوسيم كريم الدجيلي وهو يقود المظاهرات القادمة من متوسطة السدير !! والقومي علاء البرمكي واليساريينَ محمد موسى التتنجي وعبدالأمير العمية وعباس حموزي . والأعدادية انجزتها في النجف دون ان احبها او اكرهها وبعدها ابحرت نحو بغداد واصبحت طالبا في معهد المعلمين العالي بالأعظمية ! المعهد المجاور للمقبرة الملكية والمتاخم من الخلف لبيت الطائفي الشوفيني عبد السلام عارف البزاز ( لا صلة له بالصديق سعد البزاز مجرد توارد القاب عبد السلام بن محمد من الدليم وسعد بن عبد السلام من الموصل ) وهناك شهدت الطائفية بأقذر صورها !! وكان زملائي من عتاة الطائفية والموت !! وهم فاضل صلفيج ومحمد محجوب ومحمد الدوري وصابر الدوري وانور مولود ذيبان وعبدالله فاضل وعبدالأله عبد القادرالسامرائي وخالد عبد الكريم الحلي ...... قائمة القتلة طويلة لكنني رزقت اصدقاء معقولين بينهم الحميم المتواصل !! أذكر منهم ثابت عبد الرزاق ظاهر الآلوسي التكريتي ومولود ابراهيم حمو التكريتي وجابر عوين التكريتي وعمار عبد الحميد التحافي البغدادي وماجد البلداوي .. وكان المعتوه خير الله طلفاح مدير المعهد وجاء بعده عابد توفيق الهاشمي الموصلي ... وعملت مأمور بدالة في السنك بشارع الرشيد !! ففي الليل عمل مضن وفي النهار دراسة اتلقاها نائما وكان راتبي الشهري جيدا بحساب ذلك الوقت 11دينار وربع الدينار اتبرع بشيء منه لأصدقائي . اما اساتذتي فهم : فيصل نجم الدين الأ طرقجي مدرس الجغرافية ومحمد احمد المهنى مدرس الجغرافية والأدب واكرم رؤوف مدرس الموسيقى ووجيه عبد الغني مدرس المسرح و محسن العرس والمدرس المصري العظيم محمود يوسف والرياضي صباح عبدي والفنان الكبير سعدي الطائي والفنان قاسم محمد وعبد الحميد بلال مدرس التاريخ ويحيى الثعاليبي مدرس الأدب والرياضي اموري اسماعيل والأديب والرسام سعدي لفتة . صدر امر تعييني معلما في لواء الناصرية لأسباب سياسية وطائفية والعادة هي ان يتعين الخريجون من هذا المعهد في بغداد وتلقفتني مدارس سوق الشيوخ : الرفيعة والعكيكة والشريف الرضي ومن الناصرية وهبني الزمن عشقي الحقيقي الأول !! ولولا حبيبتي هذه الأستاذة حربية سعيد لقتلني البعثيون في شباط 1963 فقد اخفتني في بيتها دون علم أهلها !! دون علم إخوتها وجلهم بعثي !! احببت الناصرية فأنا عشت فيها زمن تهدم روف ابو جداحة الذي يحمي المدينة من الغرق !! عام 1954 واسهمت مع طلبة المدرسة المركزية في حمل كواني الرمل لحماية المدينة العظيمة !! وعملت في الطين من الشروق الى الغروب وأجري اليومي ربع دينار يأخذه منى اخي الكبير أطال الله عمره ويخسره بلعبة الطاولي او الدومنة !! ومن زملائي محمد مسعود وصباح حداد طوبية وحسين شياع . ونقلت الى الديوانية بعد ان زين لي القومي المعروف السيد عدنان ابو الريحة فكرة النقل وكان مديرا عاما لتربية اللواء وهو صديقي وابن مدينتي قال لي تعال يمي عبدالأله وآني اريحك وحين قدمت ادركت انني ابتلعت الطعم فقد خاصمني واوصى موظفيه ان لا ادخل عليه وعينني في مدرسة مهلكة على حدود السعودية اسمها المراشدة ومياهها اي الآبار ملوثة بفايروس الكبد وقد اصبت به لكنني لم امت !! وكانت مركزا مع الأسف لتهريب الأسلحة والخمور والسجاير الروثمان وفيها مدير طيب جدا وضعيف جدا هو فخري ابن فراش اعدادية النجف الحاج اشنيف وقد استغل بعض المعلمين الملتحين هذا المدير لكي يهربوا البضائع العراقية الى السعودية ويتسلموا بدلا منها مسدسات كندة نمرة 8 وروثمان ومخدرات !! وحين علموا انني اعتد التهريب خيانة وطنية خافوا ان افشي سرهم وزادهم ايذاءا لي علمهم انني مغضوب علي من قبل المدير العام صديقي المنقلب وابن مدينتي ابو الريحة !! وقررت السكن في النجف بشارع المدينة الذي ازاله فيما بعد صاروخ ارض ارض وفي هذا البيت عاش معي ملاوة ابن شقيقتي الوسطى عدنان الصائغ وكان يلتقي اصدقائي الأدباء ويقرأ لهم شعره دون علمي لأنه كان ومازال شديد الحياء امامي !! عمره عهد ذاك لا يتعدى الخامسة عشرة وقد تحدث عدنان عن هذا البيت بمحبة طاغية !! وهناك اسهمت في تشكيل ندوة الآداب والفنون المعاصرة وكان اعضاؤها هم عبدالإله الصائغ وزهير غازي زاهد وزهير الجزائري وعبدالأمير معلة وموسى كريدي وموفق خضر وجاسم الحجاج والشيخ محمد كاظم الطريحي وحميد المطبعي !! الشيخ استقال مبكرا وحميد المطبعي فصل من الندوة بالأجماع !! جاء في الصفحة 8 من مقدمة الرحيل عبر وديان الصمت وهو ديوان شعر جديد للدكتور زهير غازي زاهد مطابع الثورة العربية في ليبيا 2003 (... وإئتلفنا مجموعة من الادباء ضمتنا مقهى ابي المسامير في النجف ! كان الجدل يطول بيننا في قضية التجديد في مجال الشعر خاصة وكنا تقرا مجلة الاداب البيروتية الى جانب مجلة حوار وريثة شعر البيروتية التي كنت اقرؤها قراءة ناقدة ! هذه المجموعة التي ضمتها مقهى ابي المسامير من الادباء الشبان كان تنقسم الى الى تيارين في الذائقة الفنية والأبداع ! كنت انا والشاعر عبدالأله الصائغ ننشد التجديد ونندفع نحو التجديد مع الأحتفاظ بالأصالة الشعرية ولا اقصد بالأصالة الإحتفاظ بالتقليد الشعري انما روح الإبداع في الشعر وشعرية الإبداع ! فالجديد تظهر جدته من خلال تجربته وبنيته الفنية فلم نكن نؤيد تغريب الشعرالعربي أو الأدب عامة انما ندعو الى الأنفتاح على الثقافات المختلفة والأفادة منها في تجاربنا وتجارب حياتنا نحن دون ان نستعير تجارب الأخرين وندعي انها تجاربنا فهذا هو التزوير الفني بل الوهم الفني . اما عبدالأمير معلة وموسى كريدي فكانا يدافعان عن تغريب الأدب دون حدود !!وانبثقت هذه المجموعة ندوة سميناها ندوة الآداب والفنون المعاصرة سنة 1966 من زهير غازي زاهد وعبدالله الصائغ وعبدالأمير معلة وموسى كريدي وزهير الجزائري وموفق خضر وآخرين ... وامتد اثر هذه الندوة الى بغداد والمحافظات العراقية !! كانت هذه الندوة تقيم امسياتها في قاعة اعدادية النجف التي كنت مدرسا فيها وكانت ندوتنا تمثل الحداثة بصورتها التي ذكرت وتدعو الى التجديد مقابل جمعية الرابطة الأدبية العريقة في النجف التي تضم شيوخ شعراء النجف وندوتنا تثير الجو الادبي وتحاول ان تحرك الأبداع في مجال الشعر والقصة القصيرة وقرئت القصة القصيرة لأول مرة في هذه الندوة اذ كان القاص موفق خضر وموسى كريدي وجاسم الحجاج ممن يشاركون بقراءات ابداعية وكان الشعراء عبدالأله الصائغ وعبد الأمير معلة وانا نشارك شعرا ! ولم تقتصر ندوة الآداب على مشاركاتنا انما كان يشاركنا فيها من النجف الشيوخ المجددون مرتضى فرج الله ومصطفى جمال الدين ! وكانت تزور مقر الندوة في مقهى ابي المسامير وفود من بغداد وكربلاء والحلة وكركوك وغيرها وكان لهذه الندوة صدى خرجت موجته الاولى من النجف ومن هذه الندوة انبثقت فكرة اصدار مجلة الكلمة على صورة حلقات شهرية باسم شاب متحمس كان يجالسنا هو حميد المطبعي وطبع عددها الاول في مطبعة الغري بتبرعنا لما يسد كلفة الطبع ثم استمرت الكلمة في الصدور واتسعت دائرة الكتابة فيها للقلام الجديدة في الشعروالفنون الأخرى وبعد ذلك صارت الكلمة تمثلر التيار المتطرف الذي ذكرته قبل قليل بالإنزلاق في تيار التغريب فتوجهنا انا والشاعر عبدالإله الصائغ لأصدار مجلة عبقر باسم المرحوم هاشم الطالقاني على صورة حلقات ايضا وقدم عبدالإله الصائغ لعددها الأول بما يشبه البيان .وظلت المجلتان تتباريان كل لها كتابها وما تمثله من الحداثة والدعوة لها ! وكانت بينهما جسور فنية موصولة وان كنا نميل الى اتجاه عبقر ونبتعد عن الكلمة لأعتبارات فنية وفي نهاية الستينات اجيزت الكلمة سنة 1969 وقدمت طلبا لوزارة الأعلام لأجازة مجلة عبقر فلم تحصل الموافقة لأسباب غير فنية ايضا !! لقد كان لندوة الأداب صدى ادبي واسع عبر سني الستينات وما بعدها انطلاقا من النجف وصعودا الى العاصمة بغداد وغيرها من المدن العراقية وكانت في بغداد وغيرها مقاهي تضم مجموعات من الشعراء والكتاب مثل مقهى البلدية قرب الميدان ومقهى حسن العجمي وكلاهما على امتداد شارع الرشيد ومقهى الشابندر ومقهى الزهاوي وكانت امسيات ندوتنا ثم صدور مجلتي الكلمة وعبقر تتفاعل في احاديث مقاهي بغداد وكثير منهم كان يشارك معنا في امسياتنا وفي مجلة الكلمة وعبقر . وختمنا مرحلة ندوة الآداب في النجف بمهرجان النقابة الشعري 1970 .... إ. هـ ) . ثم نقلت الى الحلة الرائعة وتسنمت عملي في مدرسة برنون الكائنة في قرية برنون المتطورة والسخية والحالمة !! فجأة نقلت الى المدرسة الغربية النوذجية في المركز ولم استجب للنقل لكن البعثي القاتل مولود الدوري وهو ينظم الشعركان مديرا عاما للتربية في الحلة وصديقه ومعاونه البعثي القاتل حسن العاني وهو متأدب ينظم الشعر ايضا احبا ان اكون في المركز وفي مدرسة كل مكان فيها مربوط بشبكة انصات وتجسس صنعها المعلم الفنان صادق الحلو بأمر من المرحوم مدير المدرسة مجيد عبود الحميد وحين نقلت اثاثنا بسيارة لوري والسرعة فائقة فانفتح باب اللوري وسقطت زوجتي الأولى وهي حامل الشهر التاسع وفي بطنها ابنتي جنان وسقطت من عل ابنتي سوزان اربع سنوات وكانت كارثة ابكت المدينة !! . في الحلة نشطت ادبيا واسست مع كوكبة من الأدباء ندوة عشتار الأدبية التي تركت ميسما واضحا على ثقافة الستينات !!وصدر امر بتوقيع وزيرالإعلام عبد الله سلوم السامرائي بتشكيل الوفد العراقي لإتحاد الأدباء العرب وكان الوفد برياسة محمد مهدي الجواهري وعضوية شفيق الكمالي ونازك الملائكة ولميعة عمارة وشاذل طاقة وانور شاؤول وعلي الخاقاني ومحمد صالح بحر العلوم وكاظم جواد وحسين مردان ومحمد جميل شلش وعبد الإله الصائغ وعبد الرحيم محمد علي ويوسف الصائغ وعبد الرزاق عبد الواحد وحميد سعيد وسامي مهدي وعبدالستار ناصر وصادق الصائغ وفوزي كريم وفاضل العزاوي وماجد السامرائي وعدد كبير من الأديبات العراقيات عاتكة الخزرجي وديزي الأمير ومي مظفر وسهيلة داوود وخديجة الحديثي وبهيجة الحسني وآمال الزهاوي وليلى ساطع الحصري ومقبولة الحلي وسالمة صالح . ومن الحلة الى بغداد حيث تلقفتني مدارس مدينة الشعلة المناضلة ثم مدرسة التعاون في الكاظمية واكملت البكالوريرس والماجستير والدكتوراه جميعا وبتقدير ممتاز والحمد لله رغم السجن والتوقيف والحجز ومشكلات الجيش اللاشعبي !! وهكذا وجدتني مدرسا في جامعة الموصل أعرق الجامعات العراقية دون استثناء وبوغت – والحق يقال – بكرم اهل الموصل واقولها بالفم المليان ان الكرم في الموصل متفوق على الكرم في اكثر المدن العراقية !! ويكفي انني وخلال ثمانية اعوام هي خدمتي في الموصل لم يسمح لي أي موصلي صديق ان ادفع من جيبي ولا مرة واحدة !! وحين سألت صديقي وتلميذي الذي منحته الماجستير ذنون الأطرقجي وهو احد ابطال رواية مائدة لأعشاب البحر لحيدر حيدر ورئيس اتحاد الأدباء فرع الموصل: ذنون ليش انتو مصرين ان لا ادفع من جيبي ؟؟ فغمز لي عينه اليسرى : دكتور تحسين سمعة !! فقلت له الشهادة لله ان الموصل جميلة وسخية وفي الموصل التقيت بأحلى الحبيبات واروعهن التي أغلقت باب قلبي وتركته مواربا قليلا !! بطلة ديواني – سنابل بابل – وقد جعلتني هذه الفاتنة لا افهم الجمال الا من خلالها ولا اذوق النعيم الا في حضرتها ولها كتبت ديواني الآخر أغنيات للأميرة النائمة وما ازال اكتب لها وسأظل !! . نقلت من جامعة الموصل لأكون رئيسا لجامعة الكوفة بمؤامرة حبكها الدكتور نوري حمودي القيسي !! حتى يضرب المدينة بإبنها الصائغ ويحرق اوراقي لكن الله الهمني اتخاذ القرار الصارم فلم اباشر حتى الغي الأمر ولذلك حكاية طويلة ليس هذا موردها ! وكانت عودتي الى مدينتي النجف خائبة وخائبة جدا وفهمت مشاعر الشاعر الجاهلي حين يزور بيت ذكرياته وحبه فلا يجد اثرا !! زهير المزني : وقفت بها من بعد عشرين حجة فلأياً عرفت الدار بعد توهم اصدقائي صادق الشيخ سلمان الخاقاني وجواد كاظم الشمس ورشاد علي عودة ومحمد كاظم العادلي وعلي صالح معلة ومحسن جبر البنى ومحمد ناجي الحمداني وآخرون شاخوا وتقولبوا وزهدوا بالصداقة وربما اعتبروا ذكرياتنا سخيفة لا تستحق نبشا !! والأزقة شاخت والبيوت احدودبت ظهورها وبعض معالم المدينة التاريخية هدمه المعول البعثي الطائفي الذي أقسم على محو ملامح المدينة فجرفت البلدوزرات الكاكية الرابطة الأدبية والغري الأهلية والميدان وتكية البكتاشية التي زارها الرحالة المغربي ابن بطوطة وسور المدينة وبيوت تاريخية عمرها الف عام !! والقولات والقناط ولم تنج منه جثث مقبرة السلام وهي اكبر مقبرة في العالم ووووووو !!! بل وبني الحقد القومي المعهد الصناعي فوق ارباض قصر الخورنق !! وسرقت خزائن الإمام علي ووووو!!! وشب ضرام ثورة شعبان أذار 1991 وانا في النجف وقصفت المدينة بصواريخ ارض ارض واشياء اخرى واستبيحت زمن عودة الطفل الصائغ الى مدينته !! واغلقت الجامعة بعد فشل الثورة وقدمت استقالتي الى الوزير العربنجي الدكتور عبد الرزاق الهاشمي احتجاجا على اغلاق الجامعة !! وكان معي البروفسور الدكتور زهير غازي زاهد صاحب اعراب القرآن ! وحين لم يجد معي تهديد الوزير وخرجت من غرفته حانقا علمت ان الصديق الدكتور ثابت عبد الرزاق ظاهر الآلوسي طلبني لكي اكون في الجامعة المستنصرية كلية التربية وفي قسمه ! وما ان علمت انني مطلوب للمخابرات بسبب من دور حفيدي السيد مسلم السيد طاهر الحسيني الصائغ الذي قاد بكفاءة انتفاضة المدينة بالتعاون مع صديقي العقيد عباس معدل القائد الميداني للإنتفاضة !! حتى فبركت مع رابطة ادباء تونس دعوة شخصية لي وكنت عضو المجلسين المركزي والتنفيذي لأتحاد ادباء العراق وجاءت الدعوة بالفاكس واعترض عبد الأمير معلة على فكرة سفري خارج العراق وقبلها اعترض على فكرة سفر عضو المجلس المركزي وصديقي الشاعر كمال سبتي وحين سافر السبتي طلب اللجوء السياسي في مطار اسباني فحملني معلة المسؤولية لأنني ضغطت على المجلس لإستحصال الموافقة على سفره !! صوت الى جانب الموافقة على سفري الشهيد الدكتور نافع عقراوي ممثل الكورد والأستاذ عبد الكريم بندر اوغلو ممثل التركمان وآخرون وصوت للضد الفلسطيني خالد علي مصطفى !! وعبد الأمير معلة تِرْبِي وكنت قد رشحت ضده وفزت برياسة الأتحاد لكن الوزير لطيف الدليمي الغى النتائج بعد ذهاب القاضي وفوز عبدالأميرمعلة فهو يطلبني بثأر عميق وعتيق !! واخيرا وجدت نفسي اتسكع مع صديقتي الأردنية وجدان عبد الكريم من الصباح الى المساء ومع صديقي الشاعر الدكتور ابراهيم الخطيب في المساء احيانا !! وانا لا اصدق انني حي ارزق وحاولت هذه الأردنية الجميلة اقناعي بالعمل في جامعة اليرموك لوجود جمهرة من الأساتذة الأردنيين وهم اصدقائي واصدقائها فيها د. قاسم المومني ود.خليل الشيخ ود. زياد الزعبي ..... وكنت صارماً معها لأن الحياة عزيزة وبقائي في الأردن يعرضها للخطر الأكيد ورضخت وودعتني الى المطار على امل ان تلتحق بي ان وفقني الله وعثرت على عمل في دول المغرب العربي !! وسافرت الى تونس واستقبلني في مطارها الشاعر الهاشمي بلوزة وهو موظف رفيع – مفتش عام للوزارات !! وعبد الرحمن الربيعي وامضيت في افخم فنادقها نزل البحيرة قرابة العشرين يوما حصلت خلالها على عقود مغرية في تونس وحين تبين لهم انني عدو النظام البعثي وهم معتاشون على هباته السخية التي يتسلمونها شهرياً !!! قاطعوني جميعا الهاشمي بلوزة وعبدالله القاسمي والميداني بن صالح ومصطفى الكيلاني والعروسي المطوي ....... !!!!! وسحبوا الإعتماد من نزل الجزيرة ! وبعد حقبة لا بأس بها توجهت الى ليبيا وعملت استاذا مشاركا في جامعة الفاتح إذ لم يمنحوني درجتي التي استحقها ( استاذ ) لكي يوفروا للجامعة فرق الدولارات !! ورضيت مضطرا !! وهناك اشرفت على وناقشت العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه وصرت مختصا بتدريس طلبة الدراسات العليا !! ومددت الجسور الأكاديمية مع جامعات المغرب وتونس وكنت احاضر هناك واناقش ضمن برنامج الأعارة والأستاذ الزائر ! وفي الرباط تعرفت على طليقتي المغربية الأمازيغية وكانت بيننا علاقة حب عارمة اثمرت ولدي المحروس مولاي علي 14 عاما !! وبعد سبع سنوات التحق بي ولدي نهار وابنتي زمان قادمين من العراق وقد اطفأت الرشوة الكبيرة التي دفعتها لضابط كبير في القصر الجمهوري اقول اطفأت بضعة آلاف من الدولارات قرار صدام حسين الذي وقعه بالحبر الأحمر ( تمنع عائلة الدكتور عبدالإله الصائغ من مغادرة العراق لأي سبب كان / توقيع صدام حسين ) !! واتجهت الى اليمن ودرست في جامعة صنعاء وقد تبنى عقدي الشاعر اليمني الكبير عبد العزيز المقالح رئيس الجامعة ومستشار رئيس الجمهورية والشاعران العراقيان فضل خلف جبر وعبد الرزاق الربيعي والدكتور عبد الرضا علي والدكتور صبيح التميمي !! لكن حياتي كانت مهددة من السفير العراقي الصحفي درجة ثانية طه البصري حين رفضت دعوة اقامها لي في بيته وقبلت دعوة السفير السوري في صنعاء الشاعر الدكتور أمين اسبر ومن بعدها دعوة السفير الإيراني الشاعر الدكتور شاه روخ !! وبلغ العمى اقصاه حين اطلق الرصاص علي !! بعد فشل عملية اختطاف ولدي وابنتي من قبل السفارة العراقية !! واشهد ان التعاون كان على اشده بين المخابرات العراقية واليمنية والجماعات الوهابية والدكاترة العراقيين البعثيين بقيادة الدكتور الطائفي المخابراتي وجاسوس السفارة فلاح اسود !! وكانت اليمن تنوء بحملهم !! وحصلت على اللجوء السياسي من صنعاء الى امريكا وقبل اقلاع اللوفت هانزا بساعتين منعني حرس أمن المطار من المغادرة وقالوا لي انتم شيعة عملاء امريكا وضد البطل المسلم القومي صدام حسين ويبدو ان للسفارة العراقية اليد الطولى في ذلك والخطة اختطافنا من المطار وشحننا مخدرين الى العراق بصندوق دبلوماسي واستنجدت بالسفيرة الأمريكية وقد تحركت بسرعة وفكت الحصار عني واحبطت خطة مدمرة !! ووصلت سولت ليك سيتي عاصمة ولاية يوتا ظهيرة 20 جون جزيران 2000 ولم يطل بي المقام حتى جاء وفد سوء اليَّ من مشيغن يستصرخني ان انقذ الجالية العراقية من السقوط وتعهد لي بتدبير حياتي ومتطلباتي من بيت وسكن وعمل في جامعة مشيغن ! وابتلعت الطعم للمرة الألف وحين وصلت تخلى عني النشامى رجال الوفد !!بل حاربوني على المستويات كافة وهمشوا دوري ومع ذلك تعاونت مع جامعة مشيغن والأتحاد الديمقراطي العراقي واقمت احتفاليات كبرى في جامعة مشيغن والفلج هول وهنري فورد ثم انتخبت امينا عاما لمنظمة ادباء بلا حدود !! وما زلت في مشيغن المحروسة وعيناي على العراق وقلبي معه .
(*) نشر في موقع "البرلمان العراقي" / وفي موقع الشاعر د. عبد الإله الصائغ – ايلول 2003
|