أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
 
شهادة عدنان الصائغ

منصور الجهني

الشعر مرآة الحياة
وتحديدا حياة كاتبه أو مبدعه
هو أيضا حكاية العمر
حكاية الطفل متنقلا بين عذاباته، ومثقلا بأحلامه التي يتعثر بها، عبر متاهات الطريق.. في رحلته الطويلة، التي تبدأ ذات حلم ، وقد تنتهي قبل اكتمال القصيدة .. قبل الوصول إلى الوردة المستحيلة ، التي تخبئها امرأة الشعر بين جدائلها ، وتنأى في البياض ، أو في عبق الياسيمين  
كلما كان المشهد ثريا ومتنوعا ، وحافلا بما يتجاوز  ألوان الطيف .. إلى ألوان أخرى قد لاتدركها الحواس المسيجة بطمأنينة المألوف والعادي .. جاءت القصيدة أكثر ثراء واكثر قدرة على إثارة الدهشة ، وإشارة إلى الشيء الذي هناك ، الشيء الذي لا تمكن رؤيته الا من خلال القصيدة
الشعر صدى السنوات ، بكل ضجيجها وصخبها  ، ومفارقاتها ، بكل عذاباتها ومعاناتها .. وبعيدا عن جدلية الإبداع والمعاناة ، ألتي سادت في مرحلة الرومانسية .. يمكن الحديث بدلا من ذلك عن ثراء التجربة وتنوعها.. كمصدر رئيس لإثراء وتميز الإبداع .. وكمخزون تستعيد من خلاله الذاكرة طفولتها ، وتجدد ألقها وحيويتها. وتبقى المعاناة في هذا الإطار ، أحد أشكال تلك التجربة ، او إحدى تجليات الحياة بصورها المتعددة
أكتب ذلك على خلفية ماقرأت من  شهادة الشاعر المبدع عدنان الصائغ المنشورة في مجلة العربي تحت عنوان " شهادة في الشعر والحرب والمنفى .. تلك السنوات المرة" حيث تضعنا هذه الكتابة  ضمن السياق الموضوعي والزمني الحافل بالكثير من التجارب المرة والمفارقات التي عاشها الشاعر.. وانعكست على شعره الذي يجمع بين البساطة والدهشة ، في معادلة يصعب أن تتحقق الا لمبدع يمتلك هذه التجربة ، مضافا اليها  قدرة " غير عادية لصهرالشعر وتمثله في اللغة, حيث يصبح للتماهي بين الواقعي والغرائبي هذا السحر"
يقول أيضا :كأن قدري أن أعيش حياتي المتعثرة سلسلة مفارقات. وما الشعر إلاّ مفارقتها الأبهى والأصعب.. ذلك أنه هو الحياة في أقصى دهشتها وفنيتها ومفارقاتها, وهو لا يتمكن من ذلك إلا إذا استحال إلى نبض حيٍّ للإنسان, يعبر عن توقه وهواجسه وعذاباته وأحلامه السرية, متصاعدا بها إلى مصافِ الحس الإنساني - الإبداعي.. فالشاعر - كما أراه - جوّاب الآفاق ومدون الألم ومستشرف الأمل وملتقط المفارقات, في مروره العابر والمجلجل على رصيف الحياة..
مرة أخرى ، وبالإشارة إلى ماجاء ضمن هذه الشهادة حول تجربة الحرب ، وانعكاساتها على ابداعه.. مستعيدا الكثير من الأسماء والصور المؤلمة وجنائز الأصدقاء..يكتب : وإذا كان الشاعر رامبو يرى أنه (يجب خلخلة الحواس. بعد هذا تستطيع أن ترى ما لا يرى), فقد صبغت تلك الخلخلة الجنائزية مفردات حياتنا ونصوصنا, وأرتنا عوالم لم يكن لنا تخيلها أبدا حتى في أسفل طبقات جحيم دانتي أو رسالة الغفران للمعري أو روايات الحرب التي قرأناها هناك من (إلياذة) هوميروس, حتى (الحرب والسلم) لتولستوي, مرورا بـ(الساعة الخامسة والعشرون) لكونستانتان جيورجيو, و(كل شيء هاديء في الميدان الغربي) لأريك ماريا ريمارك, و(صمت البحر) لـ(فيركور).. والخ.. "
ورغم اتساع جغرافية تجربة الشاعر ، وما تحفل به من تناقض وتنوع  قد لاتكفي لإختزاله حدة المناخ بين درجة الخمسين وثلوج اسكندنافيا.. تبقى تلك التجربة هي الرافد والمخزون الذي يزداد ثراء .. وتبقى الصورة الأولى معكوسة بمرايا المنفى وما تبقى من الحلم هي النافذة على مستحيل الشعر وعلى وطن ينأى
"العراق الذي يبتعد
كلما اتسعت في المنافي خطاه
والعراقُ الذي يتئدْ
كلما انفتحتْ نصفُ نافذةٍ.. قلتُ: آهْ
والعراقُ الذي يرتعدْ
كلما مرَّ ظلٌّ
تخيلّتُ فوّهة تترصدني, أو متاهْ
والعراقُ الذي نفتقدْ
نصفُ تاريخه أغانٍ وكحلٌ..
ونصفٌ طغاهْ "
بقي أن أتساءل أيضا حول مصداقية مانكتب من ابداع .. على خلفية ذلك المشهد النمطي والمكرر؟


(*) جريدة الجزيرة - المجلة الثقافية ع 75 الأثنين 21 ,رجب 1425
 
البحث Google Custom Search