الامل عند عدنان الصائغ
عبد الامير الخطيب هلسنكي / فنلندا
الامل حالة ملازمة بل متشابكه وحياة الشعراء، فلم التق بشاعر الا وزودني بالامل واعاد الي قسما كبيرا من معاني الحياة. اقول هذا على الرغم من ظاهر الشعراء المتشائم ابدا، لان من يرى شاعر او ينظر اليه من بعيد يرسم اكلح الصور عن هذا الشاعر وعن ما يقوله او حتى يسلكه في بعض الاحيان. بالتأكيد هنا استثني شاعرنا المبدع الكبير بجدارة عدنان الصائغ، لانه يعتني بمظهره ويعرف كيف يتكلم مع الناس ومع الاشياء ايضا. فهو ليس كما الشعراء الاخرين الذين يدعون البويهيميه والتمرد وما الى ذلك من صرعات كانت في مرحلة الستينيات من القرن الماضي والتي خلفتها الحرب العالمية الثانيه لادباء ومثقفي اوربا مثل الوجوديه وباقي مشتقاتها كالدادائيه العبثيه باقي الاشياء اللامعقولة. حين التقي عدنان فيزيائيا او عبر التلفون، اصاب بالترقب، لانه يعطي اكثر مما انتظر، لانه بئر يتدفق بالحب والامل ، لا ادري كيف ولكنه هكذا. اقرأ الكثير من افكاري واطالع مادار بيننا ويبقى حديثه تحت لساني لفترة طويله. كثير هم الذين ذهبوا الى العراق وعادوا بالصور السالبه عن ما يجري هناك، كثير من اصدقائي الذين حذروني ان لا اذهب الان الى العراق، بل وصف بعظهم بان الوضع اسوأ من وضع الدكاتور. وكثيرون هم الذين حملوني احزان وذنوب ما لم اقترف وما لاطاقة لي به. فجاء عدنان ليقول لي، بل ليعطيني املا يشدني اكثر نحو مستقبل ربما ينتظره الكل، بل الكل ينتظره. هذا المستقبل القادم لاشك، بل اعطاني الادلة الدامغه على ان ما يصوره الاعلام ليس صحيح بل هو ما يراد به للعراق، لكن العراقيين اوعى من ما يراد منهم ان يكونوا، بل هم سائرون نحو مستقبلهم الذي يريدون. ذهب عدنان الى العراق بعد غياب طال عشر سنوات، ذكرني بغيابات الجواهري وباقي الشعراء، لكنه يختلف فعدنان يعرف وبقلب ذكي المشهد الثقافي العراقي، لانه من صلبه بل ولد عدنان من رحمه. وعاد بحصيلة ملؤها الامل والتفاؤل بل بيقين من ان الوضع الثقافي في العراق سيخلق شيئا ليس على الصعيد العراقي فحسب بل سيؤسس لواقع ثقافي عربي، هذا الوضع سيكون مختلف تماما. التقى شاعرنا الصائغ بالعديد من المثقفين، الشعراء، الفنانين و حتى العاملين في التلفزيون وباقي حقول الثقافه العراقيه، وليس غريبا ان يستقبل بارقى الحفاوه و يكرم كشاعر عزيز، ببساطه لان الناس هناك شعروا انه واحد منهم، ليس ذلك الذي يفرض ما عاشه او عايشه في اوربا. عدنان بطبيعته رجل بسيط يحترم الكل لانسانيتهم ويحس اعماقهم كما لو انه خلق توا. فعرفه الاخرون بنفس الاحساس واستقبلوه به. ندوات واماسي شعريه، تحت هذا الخراب هي بحد ذاتها انتصار عظيم للثقافه وللمعرفه، هذا ما قلته له، لكنه قال لآ ياسيدي الكل هناك تواق بل متعطش لتطوير الحياة الثقافيه، لانهم يدركوا ما حل بهم وما قاسوه ابان فترة حكم الدكتاتور المعتوه. اقولها وبكل ثقه فقد غير شاعرنا الصائغ الصورة عندي تماما لاني لم اصل الى شاطيء مع من ذهب الى العراق و عاد الى اوربا، عدنان شوقني كثيرا لان اذهب وعلى عجل لارى اصدقائي وزملائي الذين عملت معهم والذين تقاسمنا السراء والضراء زمانا.
(*) نشر في موقع "كتابات" 1/3/2004
|