أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
 
صباح الخير أيها الشاعر

يوسف نمر ذياب
- بغداد -

لمْ أسمعْ به من قبل شاعراَ، ولمْ أقرأ له قبل أن أقرأ:
"تستفيقُ البنادقُ قبل العصافيرِ/ نركضُ فوق الندى والبطاح/ نفلُّ ضفائرَ حلوتنا، الشمسِ/ ننثرها خصلةً.. خصلةً.. للرياح."..
وأعدتُ قراءةَ قصيدة عدنان الصائغ... ثم قلتُ: هذا شعر!.. وحاولتُ أن أتبينَ تعليلا لرأيي.
ربما لأنني أؤمن بالقصيدة اليومية، القصيدة (الجيدة) التي يطيب لبعض الشعراء الشباب الحديث عنها، والدعوة لها، في حين يذهبون مذهباً شططا في تنفيذها.. منهم من توهمها في خطاب شعاري "بارد".. أو سرد مباشر للحدث اليومي.. ومنهم من غلّفها بتنظير (فكري) وتضخيم (فلسفي)، فسقطت قصائدهم بين (يومية) الحدث الموحي، و(ذهنية) الشعر التأملي.
أما عدنان الصائغ فقد كان شاعر قصيدة يومية موفقاً..".."
ولك أن ترى - بعد أن قرأتَ هذه المقاطع – أن ترى فيها وصفاً "مباشراً" لما يحدثُ في المعسكر يومياً، وأنَّ توفيق الشاعر كان في جمالية البناء الأسلوبي، ولي أن أرى رأيك وأضيف: إنَّ الشاعر أيضا كان قاصاً في وصف الحياة اليومية.. قاصا يرسمُ – قدر ما "تتحمل" القصيدةُ الغنائيةُ – ملامحَ أو مؤشرات إلى ملامح أبطال قصة..
وأعود إلى مطلع القصيدة لأغريك بأن تكون تراثياً مثلي.. لننظر إلى القصيدة من زاوية نقد بلاغية فقد نجد إستعارة – أو إستعارة مزدوجة في مطلعها:
"تستفيق البنادق قبل العصافير"..
لك أن تصرف الاستعارة إلى "تستفيق" فالبنادق لا تستفيق! إنما هي تلعلع.. أو تصرفها إلى "البنادق" فالرجال هم الذين يستفيقون قبل العصافير لا البنادق.. ولك – مرة أخرى – أن ترى الشاعر يكني باقتسام الخبز عن اقتسام المصير الواحد.. اقتسام الحاضر، وباقتسام الضحكة الدافئة عن اقتسام فرح الغد "اقتسام الحلم".
"ونقتسم الخبزَ والضحكةَ الدافئة"..
وقد رأى الصديق مدني صالح – بعد أن قرأتُ له القصيدة معجباً – انَّ في قصيدة الصائغ صوراً شعرية لا تصدر عن شاعر من العالم الثالث، يشير بذلك إلى صورة الشمس في قول الشاعر: "نفلُّ ضفائر حلوتنا، الشمسِ/  ننثرها خصلةً، خصلةً للرياح" وقوله: "نراها تمشط في صفحة الماء / خصلتها الذهبية / هنا نجمةٌ سقطتْ من غدائرها / هنا زهرةٌ نبتتْ بين وقع الخطى والصباح".
وإنْ صحَّ أن الشاعر في هذه الصور الموفقة قد كان متأثراً بما قرأ من شعر أجنبي – وهو ظنٌّ غير مؤكد – فأنه قد كان موفقاً في هذا التأثير توفيقاً نراه في أن هذه الصور (المقتبسة) قد صارت من القصيدة ولها، لا نشاز ولا اقحام أو افتعال، وهذا هو السبيل إلى الإستفادة من التراث عربياً كان أم أجنبياً.
ولابد – لكي يحاكم القاريء ما في المقالة من آراء – من ذكر النص الكامل للقصيدة "جريدة الجمهورية – 25 كانون الاول 1982"..".


(*) من مقالة الناقد يوسف نمر ذياب في جريدة الثورة (الصفحة الثقافة) 1983  ونشرت كمقدمة لديوان الصائغ "انتظريني تحت نصب الحرية" في طبعته الأولى – دار الحرية للطباعة. بغداد 1984.
 
البحث Google Custom Search