أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
 
حكاية ما جرى للصائغ وعباس بيضون

وتليها حكاية ما جرى لسليم بركات

كتابات - د. فلاح طاهر
falahtahir@hotmail.com

عندما وصل الشاعر عدنان الصائغ إلى بيروت كان من أوائل من احتفى به من الشعراء: يحيى جابر، عباس بيضون، مردوك الشامي، غادا فؤاد  السمان، بول شاؤول، صباح الخراط زوين، عقل عويط، واسماعيل الفقيه، وآخرون.. وكان بيضون قد كتب في ملحق صحيفة النهار البيروتية 25/4/1992 مشيداً بعدد مجلة "أسفار" الخاص بالجيل الثمانيني ع 11-12 الذي أصدره الصائغ ومجموعة من شعراء الجيل. وكان الصائغ لا يزال وقتها في بغداد ،  وقد  أثار العدد وقتها الكثير من الاهتمام والنقاشات في الوسط الثقافي العراقي والعربي.في بيروت كان الصائغ يبحث عن غلاف لديوانه "نشيد أوروك" مع الشاعر بيضون الذي دعاه إلى بيته عارضاً أمامه مجموعة من اللوحات الفنية لفنانين عالميين وعرب، لكنه كان مشدوداً إلى الغلاف الأول الذي صممه الفنان جسام محمد، صديقه القديم في مدينة الكوفة ومن أوائل من شجعه على النشر في بداية الثمانينات. وجسام هو الذي أوصل إلى عمان مخطوطة النشيد الوحيدة - التي كانت محفوظة في حوزة صديقه د. حسن السوداني - حيث قام باخفائها بين حقائب العائلة، بعد أن غلفها بغلاف لا يخطر على بال، عابراً بها بوابة طريبيل الرهيبة.. وحين أمسك الصائغ نسخة النشيد بين يديه يقلب أوراقها وهو غير مصدق، انفجرت الدموع من عينيه..
ثم قدم الصائغ نشيده إلى إحدى دور النشر الأردنية، فامتنعت دائرة الرقابة عن الموافقة على نشره إلا بعد حذف أكثر من أربعين صفحة لأسباب عديدة (بالمناسبة أرشيف الصائغ كله مستنسخ في حوزتي وكذلك ما وصلني من أرشيف بعض شعراء الجيل لأنني أنوي إعداد كتاب عن الصائغ استعرض فيه تجربته في الحرب والصحافة والمنفى وغيرها وكل ما تعرض له، وأمامكم على سبيل المثال - في موقع كتابات العزيزة - بعض النماذج منها..) فحمله بناء على طلب أحد الأصدقاء إلى إحدى الأحزاب العراقية المعارضة ليصدر في لندن لكنها امتنعت عن نشره أيضاً إلا بعد حذف مقاطع كثيرة منه.. وحين رفض الصائغ هذا الأمر أعادت له الديوان ولكن دون غلافه.. وهكذا ظل الغلاف حبيساً لديها تماطل في اعادته رغم الاتصالات العديدة.. وحين عجز الصائغ وأصدقاؤه من استعادة الغلاف، قامت دار أمواج في بيروت (التي وافقت على طبعه كاملاً دون أي حذف) فأخذت نسخة الكوبي من الغلاف بالأبيض والأسود وأجرت لها عملية تلوين معقدة، فصدر الديوان، وكان له صدىً طيباً وكبيراً في الوسط الثقافي العراقي والعربي، مما أغاظ النظام العراقي وأعوانه وبعض الفاشلين فشنوا عليه حملة ظالمة تزامنت مع اصدار عدي قائمته السوداء الشهيرة، التي ضمت عدداً من الأدباء العراقيين ووصفتهم بالمرتدين وكان أسم
الصائغ من ضمنهم، وهذه التهمة تستوجب القتل في القانون العراقي كما هو معروف... ومن جانب آخر قام بعضهم ببث اشاعة تقول أن الديوان يتهجم على الدين الاسلامي وغير ذلك.. وكان تلك التقولات قد تصاعدت بعد فوز الصائغ بجائزة هيلمان هاميت في نيويورك، التي وصفتها بعض الصحف المرتبطة بايران بأنها جائزة "الشيطان الأكبر" (لاحظ فيما بعد مجلة الفرات التي تصدر في قم المقدسة شباط 1997)، وقد تحدى الصائغ هذه الافتراءات وأقيمت له أمسية في منتدى الثلاثاء الثقافي، في منطقة "حارة حريك (التي يتواجد فيها مقر حزب الله) جنوب بيروت، لقراءة مقاطع منه واجراء حوار مفتوح معه ناقش فيه كل ما أثير حول الديوان. وقد تحدث العلامة محمد حسن الامين في الأمسية قائلاً: (لقد وجدت صوتاً متميزاً متجاوزاً واعتقد ان المتنبي يتكرر اليوم في مدينة الكوفة - صحيفة نداء الوطن- بيروت 1996) واضاف في كلمته التي ألقاها في تلك الأمسية أنه ظل مشدوداً إلى الديوان لأيام، كان ينام
فيها والديوان تحت رأسه..والعلامة الأمين قاضي صيدا ورجل دين معروف في الوسط اللبناني..وهكذا انكشفت افتراءاتهم التي ساهم بها للأسف بعض "العراقيين" والحديث يطول..وتناول النشيد - وقت صدوره - عدد من الشعراء والنقاد، وكتاب كثيرون منهم: صباح الخراط زوين، شوقي عبد الأمير، زينب حمود، عمر شبانة، وطلال سلمان رئيس تحرير صحيفة السفير الذي كتب عنه في افتتاح عموده الاسبوعي قائلاً :(من الصعب أن تعرف عدنان الصائغ كله ، أنه نهر من العذابات والآلام والشوق إلى القول والتشهي إلى أن يسمعه الآخرون . أن لديه الكثير الكثير ليقوله..و"نشيد أوروك" ليس إلا مدخلاً إلى معرفة عدنان الصائغ بأحماله العراقية الثقيلة. عدنان هو "عبود" الذي يهذي حكاية الانسان العربي المكدود والمحدود بين اللقمة والطلقة.. والخ )ونشرت له السفير عدة قصائد وكذلك صحف أخرى.. وكان يتردد على أصدقائه هناك باستمرار..في نهاية تشرين أول 1996 ودع الصائغ بيروت: مكتباتها وبحرها ومقاهيها وأدباءها، ليحط رحاله في جنوب القطب الشمالي، في مدينة لوليو شمال السويد وهناك تعرف على الكاتبين سلام عبود، ومجيد الكعبي، ثم أنتقل إلى مالمو جنوب السويد ليسافر إلى هولندا لاستلام جائزة الشعر العالمية في روتردام التي أعلنت الصحف العربية والأوربية عن حصوله عليها..وفوجئ الصائغ ببيان مشبوه متستر تحت غطاء سبع جمعيات أغلبها وهمية، تروج لبعض الافتراءات قام به بعض المدسوسين والحاقدين. وقد رد الصائغ على ذلك البيان
وقتها بمقالة سماها" الجمعيات المرحة وذباب الاشاعات.. نشرته بعض الصحف.. وتحدى أن يثبتوا ما فيه.. وبعد انتهاء أماسي المهرجان وحفل استلام الجائزة في روتردام، أقيمت له أمسية شعرية في مركز "ثقافة 11" في دنهاخ حضرها عدد من الأدباء والفنانين العراقيين، قدمها الناقد ياسين النصير..
وقد أغاظ هذا النجاح والتكريم هؤلاء الحاقدين وأزلام السلطة أكثر وأكثر فقاموا بتوزيع البيان على الجمعيات والصحف والمساجد وغيرها..وظل فرسان هذا البيان يتسترون حتى هذه اللحظة ويخفون أسماءهم ووجوههم عن الجميع وهم يتحركون بدأب في الساحة الثقافية بلا ضمير ولا وازع أخلاقي. وقد سكت الصائغ عن اساءاتهم وافتراءاتهم المتكررة متعففاً، ومنشغلاً بنصوصه ونشاطه الثقافي، لكنهم تمادوا وتمادوا متشجعين من هذا وذلك نتيجة حزازات مرضية تسود وسطنا الثقافي، وقد حان الوقت لتعرية هؤلاء وكشف مكائدهم ودسائسهم، كي ينتبه الجميع إلى هذا السوس الذي يسود واقعنا الثقافي والسياسي والاخلاقي للأسف الشديد..وكي لا نكرر هذا الأمر من جديد بوجه مبدع آخر..

أعود للقول:... وتبرع البعض لتوزيع البيان على الصحف اللبنانية وسعى بعضهم لغايات عديدة فأرسله إلى مجلة المدى في دمشق (وهذه لها قصة معروفة تحدث عنها الصائغ في حواره).وتبرع بعضهم أيضاً لايصاله إلى بيضون لمعرفتهم بعلاقته الطيبة بالصائغ، وربما كان الأخ الفاضل ناصر الحجاج من ضمنهم (وهذا مجرد ظن لا أكثر ولا أقل خاصة وأنه أعترف بنفسه أنه ذهب محتجاً إلى المحررة الشاعرة عناية جابر) وعرضوا عليه أن سبع جمعيات عراقية كبيرة مناضلة محتجة على الصائغ، وأن الصائغ ضلله، فهو كان ضابطاً كبيراً في جهاز التوجيه السياسي والاستخبارات العسكرية وان عدنان كان يمشي ممتشقاً مسدسه الكبير وسط حماية خاصة في شوارع بغداد وأنه كان يسكن في قصور صدام الخاصة جداً.. والى آخره.. فاستشاط بيضون غضباً وكتب مقالاً نارياً
حقاً، ذكر فيه بعض ما قاله له هؤلاء الأصدقاء الشعراء..وحين قرأ الصائغ ذلك المقال المنشور في صحيفة السفير 22/8/1997 تألم كثيراً لهذا التشويه والظلم الذي يتعرض له وهو في آخر الدنيا، فرد عليه بمقالة نشرت في صحيفة السفير" 26/9/1997 قال فيها: (قلْ ما تشاء في شعري وفي استحقاقي للجائزة من عدمه ولن أحزن أو أعتب أو أزعل. فذلك رأيك، ولكن أن تطعن في وطنيتي ومبادئي فذلك ما لن أسكت عنه أبداً.. وما بيننا قراء الأمة وشعراؤها من المحيط الى الخليج شهوداً وحكاماً ومتفرجين).وكشف في مقالته له وللقراء كل تلك الافتراءات وسبب تلك الحملة والبيان ومن كان وراءه. وانتهى الخلاف بعد أن تكشفت الأمور للطرفين، وعاد الصائغ لنشر نصوصه بين فينة وأخرى..في عام 2000 التقيا: بيضون والصائغ في أمسية شعرية  في كوبنهاكن وجمعهم أكثر من لقاء كان فيه الشعراء عقل العويط، وبلال خبيز، والفنانان كوكب حمزة وطالب غالي والكاتب داوود أمين وغيرهم.. وتحدث بيضون عما يفعله العراقيون بعضهم ببعض وروى للصائغ كيف أجتمع به بعض "الأصدقاء" ودسوا له ما دسوا من افتراءات..وعذره الصائغ لما سمع، وانه لا يجد في نفسه أي ضغينة على بيضون الذي ضلله بعض المنافقين، وهو – أي بيضون- واحد من أكثر الشعراء العرب محبة وحرصاً على العراق
وشعرائه..وزار الصائغ بيروت عام 2002 والتقى عدداً من أصدقائه، ومنهم صديقه بيضون في مكتبه في صحيفة السفير فطلب منه الأخير إجراء حوار للصحيفة، فقام بإجرائه الشاعر اسكندر حبش ونشر في الصحيفة (12-2-2002  )

والآن..
لاحظ معي عزيزي القاريء
هذه كل حكاية الشاعر عباس بيضون وعدنان الصائغ، وكل ما دار بينهما:
مقالة كتبها بيضون
ومقالة رد بها الصائغ
وانتهى الأمر
......
لكن هل تعتقد أن الأمر انتهى عند هذا الحد بالنسبة لبعض الشعراء  المتورمين بالضغائن؟؟؟....لقد ظل البعض يستنسخ مقال بيضون لوحده فقط ويوزعه في النوادي والجمعيات والجوامع والأماسي حتى هذا اليوم ( لاحظ معي كيف استنسخه بعضهم بالمئات، بعد أن قاموا بحذف تاريخه (1997)، ووزعوه قبل أمسية الصائغ التي أقيمت له في غوتنبورغ عام 2002 والتي قدمها الروائي المبدع ابراهيم أحمد..وقد نشرت الجمعية العراقية هناك توضيحاً بتلك العملية الكيدية المعيبة في صحيفة المؤتمر في لندن)
...
..............
ولم يكتفوا بهذا..!!!
وتابع معي أيضاً:
مطلع هذا العام 2003 أي بعد مرور  ستة أعوام، نعم ستة أعوام من نشر مقالة بيضون في السفير ( 1997 )، فاجأتنا مجلة "عيون" التي يصدرها الشاعر خالد المعالي في ألمانيا بإعادة نشر مقالة بيضون السالفة الذكر، في عددها الجديد دون تبيان سبب هذا النشر، ودون أي اشارة أو ذكر لرد الشاعر الصائغ بل ودون استئذان صاحب المقالة بيضون نفسه..
لكن هذه العملية لم تنطلِ على شاعر بذكاء بيضون ومعرفة خلفيات صراع بعض "الأدباء العراقيين" فكتب مقالأ حاداً، في صحيفة السفير 2003/02/21 ووضح بمسؤولية وأخلاق ووعي عالٍ خلفيات هذه العملية الكيدية قال فيه: (أن مجلة عيون أعادت نشر مقالة لي بعنوان قضية "عدنان الصائغ" ظهرت في "السفير" من ست سنوات كاملة غير منقوصة. وأنا بادئ بدء أصرح بأنه لم يستأذني او يستشرني في نشرها أحد، ولو فعلوا لما أذنت ولا قبلت قطعا. أصرح بأن نشرها توريط لي في موقف لا أريده ولا أرتضيه لنفسي. ليس بيني وبين عدنان الصائغ حرب ولا خصومة ولا حزازة، وقد قلت كلمة فيه منذ 6 سنوات رد عليها فنشرت رده وانتهى الأمر عند هذا الحد. ولنقل انني شديد الأسف لما حصل وكان أجدى بمن فعلوه أن يفعلوه على حسابهم لا على حسابي، وأن لا يزجوا باسمي في مسألة لا يتحملها ضميري. في عملية لا أدري ماهيتها وفحواها. أعلم فقط أن الذي أيقظ "عيون" على مقالة ذهب خبرها وأوانها
وتراكمت عليها 6 سنوات كاملة ليس سليم الغرض ولا النية".. "من المحزن أن يكون هذا مآل مقالي المسكين. العفو كل العفو والعذر كل العذر لما جنته يداي عن غير قصد ولما طاش إليه مقالي التعيس المنسي من دون نية ولا غرض).
..............
أترك لك عزيزي القاري هذه الحكاية دون تعليق مني..
..........
ويقال أن الشيء بشيء يذكر، فلا بأس إذن من ذكره هذه الحكاية الغرائبية التي أوردتها صحيفة الحياة 22/6/2003 وموقع كتابات 3/7/2003) والتي لا تخطر على بال الروائي الغرائبي الشهير ماركيز نفسه حين عمد شاعر رفض له المحرر نصاً، فما كان منه إلا أن قام بارسال طرد بريدي إلى المحرر على عنوانه يحتوي على كومة من العظام..
(أبو العظام) هذا، كان الشاعر خالد المعالي..
وهذا المحرر، كان الشاعر سليم بركات.. سكرتير تحرير مجلة الكرمل التي يرأسها الشاعر محمود درويش..ولا تعليق لي أيضاً..

أقول فقط:
كفى عجاجاً وضجيجاً وتشويها وافتراءات وأحقاداً وظلماً وطعناً.. فقد عانى العراقيون من ذلك ما عانوا.. ولم يعد العراق المبتلى يسمح بالمزيد من العجاج..
وفي مقالتي القادمة ستقرأ معي – عزيزي القاريء – المزيد والمزيد، من هذا العجاج في كتاب" ثقافة العنف في العراق" للكاتب الفاضل القدير سلام عبود..
فإلى اللقاء..


(*) نشر في موقع "كتابات" 4-7-2003
 
البحث Google Custom Search