أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
 
تحت سماء غريبة للصائغ

شعر عدنان خلاصة لجوهر الشعر العربي

عزمي خميس
عمان ـ (الوطن)

يقول عنه جبرا ابراهيم جبرا: عدنان الصائغ شاعر تنبه الى صوته حالما تسمعه بين مئات الاصوات اللاغطة بالشعر‚ فالشعر اليوم كثير جدا ولكن ما يستحق ان يصغى اليه قليل جدا‚ وشعر عدنان الصائغ من هذا القليل‚
ويقول عنه الشاعر والناقد عبدالعزيز المقالح: ان شعر عدنان الصائغ خلاصة لجوهر الشعر في النصف الثاني من القرن العشرين‚ هنا البدايات وهنا آخر الشوط هنا الاحساس العميق بأهمية ما انجزته الستينيات والسبعينيات وهنا الشعور الاعمق بأهمية ان تكتشف الكتابة الشعرية الجديدة معناها الاجد وايقاعها الصوتي الاكثر ايحاء واندفاعا نحو عوالم وسماوات لم تقتحم الكلمة الشعرية اجواءها المكدرة بعد.
هذا هو عدنان الصائغ الشاعر الذي غادر العراق عام 1993 وعاش في عمان حتى عام 1996 قبل ان يستقر في السويد حتى اليوم ويكتسب حضورا عالميا من خلال مشاركاته في المهرجانات الشعرية في لندن وهولندا والمانيا والنرويج والدنمارك ومن خلال ترجمات اشعاره الى السويدية والانجليزية والهولندية والايرانية والكردية والاسبانية والالمانية والفرنسية والنرويجية والدنماركية.
حيث اصدرت منذ عام 1984 وحتى اليوم 12 ديوانا منها ديوانه الحالي تحت سماء غريبة الذي صدرت طبعته الثانية حاليا وكان قد اصدر قبل ذلك في لندن عام 1994 حيث يعتبر هذا الديوان منعطفا جديدا في مسيرته الشعرية لانه الديوان الذي صدر بعد خروجه من العراق حيث يقول سعدي يوسف عن هذا الديوان وقصائده بالامكان عقد مقارنات بين هذه القصائد وتلك التي سبقتها فليس ثمة قطيعة لكن هناك تمايزا اكيدا ثمة جرعة اكبر من الحرية اثرت في الشكل وفي طبيعة النظر الى المادة الخام اهي النجاة من الكابوس!!
الديوان الذي اصدرت طبعته الجديدة المؤسسة العربية للنشر يضم قصائد كتبت بين عامي 1990 ـ 1993 ما بين بغداد وعمان.
قصائد عدنان الصائغ مذهلة في بساطتها وعمقها معا كما انها محملة بكثافة بروح الشعر وعصارته لهذا نراها مختصرة مكثفة محتشدة تثير كلماتها القليلة شلالا من الايحاءات.
"طلقة عابرة
ثقبت نومه
ـ فوق وسادته ـ
لزجا
دم احلامه الخاسرة"
ولسنا بحاجة الى كبير عناء كي نلمح هذا الاسى العميق والاحساس بالغربة والفجيعة والضياع‚ والشعور بالوحدة
"انطفأت اضواء الحانة
وانطفأ العالم
لكن الرجل المخمور
ظل يدور
بحثا عن سبب واحد
يوصله للبيت"
وهذا الألم المضني ليس ألما شخصيا‚ انه الم الانسان الذي اضناه زيف الشعارات‚ والمتاجرة بالحروب والاوطان والقمع الكامن وراء اللافتات الزائفة
"كنت أرى من بعيد
صعود الكروش مع اللافتات
تصفق: يحيا الـ..
صحت: يحيا الوطن
ولكنهم قطعوا حلمنا بالهتافات
والطلقات.."
انه الوطن الذي يسكن قلب الشاعر‚ لا هو قادر على العيش فيه‚ ولا هو قادر على فراقه‚ ولهذا نجده ممزقا يدفن احزانه في الخمر والبارات التي يكثر ذكرها في قصائده كوسيلة للهروب من واقع مر لا سبيل لتغييره.
"نصفك: وطن ضائع في البارات
ونصفك الآخر: يهيىء حقائبه للسفر
يلتقي نصفاك‚ كعقربين في ساعة عاطلة
ويفترقان، كغريبين على ارصفة المنافي الحامضة
وانت مسمر الى النافذة
لا تملك غير جواز سفرك المركون
على الرف..
تبيض فيه اناث العناكب.
وبالنظر الى تواريخ القصائد واماكن كتابتها يمكن ان نلمح ايضا تطورا واختلافا بين القصائد المكتوبة في بغداد كالتي أوردنا نماذجها سابقا‚ وتلك المكتوبة في عمان بعد خروجه من العراق‚ حيث تبدو القصائد المكتوبة في عمان اكثر تحررا‚ واكثر ميلا للتأمل‚ واستخلاص الحكمة‚ ربما بفعل النجاة من الكابوس كما يقول سعدي يوسف.
واكثر ما تتضح هذه النظرة التأملية في الحياة والوطن والمرأة والاسكان في «تنويعات» التي ضمت مجموعة كبيرة من القصائد القصيرة الثاقبة المختزلة التي تعكس زاوية نظر مختلفة.
"كلما كتب رسالة
الى الوطن
أعادها اليه ساعي البريد
لخطأ في العنوان
     *
وجد ظله نائما
في الظل
أيقظه
واصطحبه معه الى الضوء
     *
طاف اصقاع العالم
لكنه لم يصل
الى نفسه
     *
كلما تعانقت كلمتان
صرخ الشاعر
ــ على الورقة ــ
آه.. كم انت وحيد أيها القلب"
ديوان عدنان الصائغ بما يحويه من قصائد طازجة يشكل صرخة خرساء صامتة ضد الخراب والقمع والغربة والوحدة‚ وتطلعا مشبوبا نحو معنى للحياة يبرر كل هذا العذاب والحزن.


صحيفة الوطن القطرية 2-8-2003
 
البحث Google Custom Search