أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
     
القصيدة اللاحقة | القصيدة السابقة طباعة القصيدة | الرجوع الى اصدارات | الرجوع

مطر.. لسيدة البنفسج

صباحاً لثغركِ، هذا البنفسجُ، مختلجاً في مرايا دمي، زهرةً للنعاسِ. يرشُّ الندى حلمَهُ فوق أوراقِها الغافياتِ، فيعبقُ توقُ التويجِ على كمِّها الليلكيِّ المنقّطِ. قلتُ: صباحاً لأزرارِهِ تتفتحُ عن غابةِ الياسمينِ، صباحاً لها، للطفولةِ، للطفلِ خلفَ رباطِ الوظيفةِ, منبهراً بالحمامِ يحلّقُ أعلى قميصكِ. أبصرُ وجهَكِ خلفَ ضبابِ الزجاجِ الشفيفِ يشفُّ، وإذْ يمسحُ النادلُ القطراتِ اللصيقةَ، أرعشُ من بللِ الحبِّ تحتَ رموشكِ، يحملني الغيمُ حتى تخومِ القصيدةِ. من أينَ للثغرِ هذا التوهجُ… نختارُ طاولتين، يدانيهما العزفُ، يقتربُ النادلُ الآنَ: لو يتوقفُ هذا النثيثُ وقلبي! أنا ظمأٌ يتسكّعُ بين قميصكِ والبحرِ. في شفتي غيمةٌ جفّفتها المساءاتُ، لاهثةً، فوق أسلاكِ هاتفكِ القزحيةِ. ينحسرُ الموجُ عن مرمرٍ يتصالبُ،لم يكترثْ للعيونِ التي سالَ زئبقُها بين ساقيكِ، لمْ تكترثْ لدمي وهو يشخبُ في القعرِ، ترفعهُ نخبَ مَنْ ضيّعتهُ الحروبُ الطويلةُ، يطفو على كأسها حبباً من حنينٍ وثلج,ٍ يسيلُ على ثوبها الأسودِ المتقاصرِ، ترفعهُ كي يجفَّ فينحسرُ البحرُ أكثرَ. يدنو الحمامُ، أمدُّ يدي نصفَ راجفةٍ فتلامسُ كفَّ صديقي..! يصافحني ذاهلاً: ما الذي يعتريكَ!؟ أشيُر إلى لحنها خافتاً يتسلّلُ بين الموائدِ نحوي،……
يرى - في الضبابِ – المقاعدَ، خاليةً……………
………………………………
………………………………
………………………………
المرايا تكذّبني دائماً، كيفَ لمْ أنتبهْ لغيابكِ قربي. أرى – آخرَ الليلِ – في رغوةِ الكأسِ طيفَكِ, ينسابُ بين الرموشِ وطاولتي، أرقاً يتكاثفُ فوق الرفوفِ، قصائدَ من مطرٍ وظلالٍ. أمرُّ على واجهاتِ المدينةِ, تسألني بائعاتُ الزهورِ الصبياتُ عن لونِ ثغركِ كيما ينسّقنَ أزهارَهنَّ. أمرُّ على البارِ: أينَ الصحابُ؟.. يسائلني النادلُ الكهلُ عمنْ سيبقى هنا في خريفِ المعاركِ يجمعُ أحطابنا، آهِ كيفَ استفاقَ القرنفلُ من نومكِ الحلوِ منتشياً, يتسلّقُ سورَ الأصابعِ نحو القصيدةِ,… في غبشِ الطائراتِ, لمحتكِ ترتجفينَ من البردِ والموتِ، أمسكتُ كفَكِ: لو تهدئين على عشبِ صدريَ، نافورةً من بكاءٍ ولوزٍ... ركضنا بممشى الحديقةِ مختبئََينِ بأدغالها نتشبّثُ بالقبلاتِ. التصقنا بجذعِ الصنوبرِ نسْغَين يرتعشان بأعلى الغصونِ الوريقةِ. كمْ ورقةً تتساقطُ، حتى أراكِ..!؟ ألمُّ انكساراتِ قلبي على العشبِ، حيثُ الفَراشُ الذي لمْ يمرَّ على شفةِ الوردِ بعدُ، يحطُّ على ثغركِ العسليِّ ويسكرُ. منتشياً بالتويجِ الذي يتفتّحُ في أولِ الحبِّ... في أولِ الطائراتِ انكمشنا وراءَ العمارةِ، نبحثُ عن وطنٍ آمنٍ تحتَ سلّمِها الحجريِّ. رأيتُ النجومَ الحبيسةَ تلمعُ بين رموشكِ والغرفِ المقفراتِ، انتبهتُ لكفي تجوسُ مسامات خوفكِ تحتَ القميصِ البليلِ, تهدهدُ سربَ الكراكي الذي فرَّ من مطرِ القصفِ نحو فمي. انتصبَ الجذعُ لصقَكِ.. كانتْ يداكِ تهزّانِ نسغَ العثوقِ اليبيسةِ، من جوعِها، ليسّاقطَ الرطبُ – الجمرُ. كانتْ يداكِ امتدادَ الربيعِ. ولي في الفصولِ ذبولُ المواعيدِ في شجرِ الانتظارِ الطويلِ، عيونُ اللواتي ترمّلنَ في أولِ الياسمين, يحدّقنَ في مطرِ العائدين من الحربِ، منسرباً من ثقوبِ الغيومِ، يرتّقنَ أحلامهنَّ فتخرقها الطائراتُ… [ الأسرّةُ فارغةٌ كالحنينِ. يمسّدُ شرشفَها عالقاً بالبياضِ، فتلمحهُ من وراء الستارِ، يزيحُ غبارَ الترمّلِ عن ثوبها المتدفّقِ. تضحكُ مجنونةً, وتعانقهُ, غيَر أنَّ يديها ستصطدمان بكرسّيهِ الكهربائيِّ…
تصرخُ مذعورةً، وتفرُّ إلى……
………………………
………………………
………………………
المرايا تكذّبني، وتصدّقُ جسمكِ. كنتُ ألملمُ أحلامنَا عن رموشِ المصابيحِ في آخِر الليلِ، أنسجها شرشفاً لأمانيكِ في صالةِ القلبِ. كنتُ……!
المرايا تكذّبني وتصدّقُ جسمكِ. أصرخُ بين الموائدِ والأقحوانِ القتيل،ِ فيرتدُّ – كالذكرياتِ – الصدى المرُّ: كانتْ هنا في انتظاركَ, من أولِ الحربِ، وارتحلتْ في قطارِ الزواجِ العتيقِ

1/4/1992 الكوفة – 18/9/1992 بغداد


القصيدة اللاحقة | القصيدة السابقة طباعة القصيدة | الرجوع الى اصدارات | الرجوع
 

البحث Google Custom Search