ما لمْ يردْ في "الإمتاع والمؤانسة (*)" إلى العليّين(**): الرماحي، والدميني.. تلك الفجيعة،.. وما تلاها! وضعوا الشاعرَ.. في زنزانَةْ حرقوا.. ديوانَهْ فنمتْ للأحرفِ أجنحةٌ طارتْ بقصائده للناس على مرأى من عينيّ سجّانِهْ فاغتاظ السلطان وصاح بأعوانِهْ: - من منكم يوقفُ هذي الأجراسْ؟ كي لا تصلَ الناسْ فاحتار القوّادُ وضجَّ الحرّاسْ لكن حكيماً أعمى من بين الجلاّسْ قال له: يا مولاي الساعةَ؛ تقدر أن تذبحَ آلافَ الأشجار، الشعراء، الجند، الأفراسْ... وتفصّلهم - ما شئتَ - على المقياسْ لكنكَ..!! لن تمحو بيتاً من صدرِ الأرضِ.. وحنجرةِ الريحِ.. ونبضِ الإنسانْ فالكِلْمَةُ - ضوءٌ، ريحٌ روحٌ - لا تمنعها الأسلاكُ، ولا يوقفها سجانْ لكن؛ يا ربَّ العصمةِ والطاعةْ تقدرُ أن تقتلَهُ منذُ الساعة حين تدسُّ - بطيّاتِ ملابسهِ وقصائدهِ - خيطَ إشاعةْ سيطولُ... يطولُ، ويلتفُّ .... على تلك العنقِ الملتاعةْ فانتعشَ السلطانْ وانطلقتْ تلك الجرذانْ تتقافزُ - غامزةً، لامزةً - تقرضُ خيطَ الحقِ الفاصلَ: بين الألسنِ و الأعينِ والآذانْ 2/7/2005 Colombia-Medelli ____________________ (*) كتاب لأبي حيان التوحيدي. (**) صديقان للشاعر: [علي الرماحي: شاعر عراقي من مدينة الكوفة، أعدمهُ النظام العراقي عام 1979، لقصائده التحريضية. ولم يعثر له على قبر حتى اليوم. وعلي الدميني: شاعر سعودي، اعتقلته سلطات بلده، عام 2004 لأحلامه التنويرية، والمطالب بحرية الرأي والاصلاح المدني، وحكمت عليه بالسجن تسع سنوات، ثم أطلقت سراحه عام 2005.
|