أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
 
إنّه أشعر العرب الذين جاءوا إلى الشعر بعد نزار والبياتي والسياب

مدني صالح

"مشكلتي أني لا أعرف حداً للعالم
حين أحبُّ
وحين أجوع"


تلك هي الجملة المفيدة التي يتخذ منها الشاعر عدنان الصائغ مدخلاً لديوانه "أغنيات على جسر الكوفة" من منشورات آمال الزهاوي ـ مطبعة وأوفسيت عشتار بغداد 1986: ثاني ديوان للشاعر بعد ديوان البكر "انتظريني تحت نصب الحرية" ـ من منشورات وزارة الثقافة والإعلام بغداد 1984.
وكان للشاعر عدنان الصائغ أن يقول: " إني لا أعرف حداً للعالم إلاّ حين أحب أو حين أجوع".
كما كان له أن يقول: " إني لا أعرف حدود العالم إلاّ حين أحب أو حين أجوع" ... وتظل الجملة شعراً مفلسفاً جميلاً يحتمل أن تسأل:
هل من حب بلا جوع؟
هل من جوع بلا حب؟
هل الجوع والحب أمران أم أمر واحد!! وهل من شعر بلا حب وجوع!!
بل هل من حب بلا شوق وشوق بلا جوع!!
وهل من حدود لأقطار النفس وعوالم الروح وآفاق الشعر إلاّ بحب وبشوق وبجوع!!
لكن مشكلة الشاعر عدنان الصائغ لا تبدأ إلاّ عند حد بداية الحب حين يحب وبداية الجوع حين يجوع!!
ولك أن تسأل إذا شئت لماذا لا تبدأ أزمة الشاعر إلاّ بجهل حدود العالم وبالحب وبالجوع!!
ألأنَّ الحب من الشوق؟ والشوق من الجوع؟ والجوع من الألم الذي هو أنبغ ما في الحياة: جوعاً وشوقاً وحباً وشعراً وجهلاً بالبدايات وبالنهايات وبالتخوم وبالحدود!!
أم لان "عدنان الصائغ شاعر مبدع يواصل مسيرته عبر حرائق الشعر ويغمس كلماته بدم القلب .. وان رؤيته مطر يغسل أوراق الشجر المتربة ويعيد للطبيعة المتعبة عذريتها" كما شهد له الشاعر عبد الوهاب البياتي بالجوع وبالحب وبالشعر وبالمشكلة وبجهل حدود العالم: "عبر الجزئيات الصغيرة للحياة العراقية ويتوغل في أبعاد الناس البسطاء بكلمات واضحة بسيطة مثقلة بالبذور والزهور والثمار" وبالحب وبالشوق وبالشعر وبالجوع وبالمشكلة:

"محترفاً بالشعر.. وبالنظرات الأولى..
أتسكع في مدن الكلمات.
يا جسر الكوفة حدثني عن
بستان اللوعة هل أزهر؟
عن آخر أشعار "كزار حنتوش"

ولعدنان الصائغ في "أغنيات على جسر الكوفة" شعر ل تقرأه إلاّ وتحفظه ومنه قوله:

"لأمي ، سجادة الصلاة
وخوف قديم من الدركي
تخبئنا كلما مر في الحي تحت عباءتها
وتخاف علينا عيون النساء
وغول المساء وغدر الزمان".

ولعدنان الصائغ في "أغنيات على جسر الكوفة" شعر يستحق مني عليه كتاباً بعنوان "هذا هو عدنان الصائغ" بعد كتابي "هذا هو هو البياتي" وكتابي "هذا هو السياب" فهو اشعر العرب الذين جاؤا إلى الشعر بعد نزار والبياتي والسياب.
ولما أردت استمزاج رأي آخرين من النقاد في هذا الموضوع أطلعت عليه الأستاذ الدكتور جلال الخياط أستاذ النقد الأدبي في جامعة بغداد فقرأه وسألني أتنوي نشر هذا الموضوع فقلت له: على جناح السرعة.. وقال لي: إن الموضوع يضرك إذا نشرته.. قلت وليكن.. قال: ولا ينفع الشاعر..
قلتُ : ألا ينفع الشاعر.
قال: بل يضره..
وسر جلال الخياط بالذي سمعه مني إذ وعدته بصرف النظر عن نشر الموضوع الذي ليس في نشره إلاّ الضرر لي وللشاعر.
وافترقنا على أن أعيد النظر في الموضوع فأعيد كتابته.
ولما جاء الغد وتواجهنا، قلت لجلال: إني قد تركتُ الأمر كله بناء على رأيك في النظر إلى المسألة. ففرح مستغرباً وقال: أأصدق الذي اسمعه!! قلتُ: صدقْ. وبدلت الرأي بعد ساعة وعزمت على النشر لا متوكلاً إلاّ على الله الذي هو خير حافظاً من الضرر الذي قد يصيبني بسبب إنزال الناس منازلهم وإعطاء كل ذي حق حقه ورد الأمانات الثقافية إلى أهلها في كل فروع الفن والعلم والفلسفة والأدب.
وبعد فهل لجلال الخياط أن يعينني على رفع لواء عدنان الصائغ في الشعر كما أعنته على رفع لواء عبد الوهاب البياتي فيه:
لا بناءً إلاّ على القاعدة الأصولية في الطريقة وفي تصنيف الموجودات وفي المنهج " كل يكبر في نوعه.. لا العصافير نسور صغيرة ولا النسور من كبار العصافير".. وأطلعت الأستاذ الناقد يوسف نمر ذياب -وله في المسألة بداية تبشر بالشاعر عدنان الصائغ - على الأمر كله فقال: ربما كنت أول المرحبين برأي الأستاذ مدني صالح في الشاعر عدنان الصائغ. ألم أكن أول المبشرين بالصائغ شاعراً في مقالة نشرتها جريدة الثورة وقد سرني أن يعيد الشاعر نشر مقالتي فيه (صباح الخير أيها الشاعر. صباح الخير أيها المعسكر) مقدمة: لديوانه الأول (تحت نصب الحرية)..
ويبقى أن رأي مدني صالح في أن عدنان الصائغ أشعر العرب بعد نزار والبياتي والسياب ربما رأيت في إعلانه استعجالاً ولا أقول مبالغة.
فعمر عدنان الشعري لا يبيح للناقد أن يجزم بمثل هذا الرأي فيه.. وعسى أن يحقق عدنان الصائغ حسن ظن مدني صالح به.

بغداد 1986


(*) نشرت في صحيفة "اليرموك"- بغداد 1987
(*) نشرت في مجلة " ضفاف" ع 9 شباط/ فبراير 2002   النمسا ( عدد خاص - الصائغ في مرايا الإبداع والنقد)
 
البحث Google Custom Search